صفحة 4 من 13 الأولىالأولى 12345678910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 46 إلى 60 من 184
  1. #46
    ..
    «الربعية» تحمل أثاث وفراش العروس إلى منزل الزوج

    صندوق حاجيات العروس تتكفل «الربعية» بنقله إلى بيت الزوج


    "التحوال"هي الليلة الثانية من ليالي احتفال العريس بعروسة لاتمام مراسيم الزواج، وهذه الليلة يشهدها منزل العريس الذي يتزين لها والتي تعد من ليالي العمر بالنسبة للزوجين فهي ليلة فرح لاتتكرر، فتجد البهجة تعم الجميع صغاراً وكباراً.. نساءً ورجالاً، حيث تجتمع النساء من أقارب الزوج وجيرانه ومعارفه في المنزل استعداداً لقدوم العروس.

    وكان الزواج قديماً يمتد الى يومين بلياليهما، ففي الليلة الأولى يجتمع الرجال في منزل العريس بعد صلاة العشاء ويتناولون القهوة والشاي في "معاميل" قد أمده بها مسبقاً أقاربه وجيرانه من الأباريق والدلال والفناجين والبيالات فيضع كل منهم وسماً (شارة) على أوانيه حتي يتعرف عليها عند انتهاء مراسم الزواج، وغالباً ما كان يكتب اسم صاحبها خلفها، حيث لم يكن هناك مايسمى بقصور أفراح ولا أماكن لتأجير هذه "المعاميل"، نظراً لقلة ذات اليد في تلك الحقبة من الزمن، وهذه صورة من صور التكافل الاجتماعي التي كان يعيشها الآباء والأجداد سابقاً، وبعد أن يكتمل الحضور يسير العريس وضيوفه الى دار العروس ويحمل الضيوف معهم السرج و"الأتاريك" التي تضيئ الطريق لهم فلم يكن هناك كهرباء بل كان الاعتماد على هذه السرج و"الأتاريك" التي هي مصدر النور الوحيد الذي يشعل لهم ليلهم وكذا ليالي أفراحهم.

    وبعد وصول العريس وضيوفه الى دار العروس يستقبله والد العروس واخوتها وأقاربهم وجيرانهم ب (المداخن) التي تفوح منها رائحة العود الزكية فيرحبون بهم ويقدمون لهم القهوة والتمر حسب ماتيسر، كما يقدم الشاي وبعد ذلك يأخذ والد العروس العريس الى غرفة العروس، ليعود الرجال أدراجهم الى منازلهم ويبقى العريس في منزل والد العروس بينما تقوم النساء بالرقص والغناء، ويدخل العريس على عروسه التي يجد معها الربعية التي ترحب بالعريس وتدعو له ولعروسه بالتوفيق ثم يدخل القهوجي والذي يكون غالباً زوج الربعية فيصب القهوة للعريس ثم يغادر مع الربعية، لينام العريس مع عروسه في منزل والد العروس، أما في عصر الغد فيعد والد العروس طعام الغداء الذي يطلق عليه اسم "الضيفة" ويحضره ضيوف العروسين.


    غرفة العروس ليلة الدخلة

    التحوال والبطباط

    وفي الصباح يغادر العريس منزل العروس ذاهباً الى منزله لتأتي العروس مساء برفقة الربعية التي تحمل أثاث العروس وفراشها، حيث تجتمع النساء في منزل العريس بانتظار قدومها مع أهلها وتأخذ مكانها بين النساء، فيقمن بالسلام عليها وتهنئتها بهذه المناسبة، فيما يقوم العريس بالصعود الى سطح المنزل والمطل على مكان جلوس النساء فيرحب بالعروس ثم يقوم برمي ما معه من "البطباط" والذي يكون عادة من التمر من نوع الصقعي أو الخضري أوبلح "اليبيس" أو الأقط أو الحلوى أو بعض قطع النقود حسب حالة العريس المادية فتتدافع النساء والأطفال لجمع أكبر قدر ممكن من هذا البطباط وبذلك تنتهي مراسم التحوال ويذهب الجميع الى بيوتهم ويبقى العريس مع عروسه، ومن الغد يقوم العريس بإعداد وليمة العرس لضيوفه من الأقارب والجيران وأهل العروس.

  2. #47
    ..

    * زمان كان بيتنا غرفة صغيرة وصالة يتجمع فيها القرايب والجيران ، واليوم بيتنا كبير وغرف كثيرة ما فيها غير الارض و الجدران . هذا مسافر و هذا مهاجر وهذا زعلان و هذا من الدنيا طفشان .

    * زمان كان غدانا رز الرصيص والكشنه صلصه.
    نفرش الأرض ونأكل من صحن واحد و ضحكتنا يسمعها الجيران ، واليوم السفرة مليانه لحوم و دواجن
    وصحون أشكال والوان ، بس يا حسرة اﻷماكن فاضية بتتمنى يملاها أهل المكان .

    * زمان بالحوش سهرتنا و أبوي يحكيلنا قصة كان يا ما كان ، نشرب الشاي ونأكل الحَب ومن ضحكتنا تبين اﻷسنان ، واليوم سهرتنا موبايل و نت وسناب شات حتى صرنا بخبر كان .

    * زمان كنا نسأل عن بعض و نزور بعض ونتلاقا بالأحضان .؟ واليوم من العيد للعيد نتزاور غصب ..حتي السلام لله .. مانسلم والقعده على قلوبنا نيران .

    * زمان لا مرض الواحد فينا تجمعت حواليه
    القرايب و الجيران ، واليوم الأخ ما يقدر يقول لاخوه الحقني تراني تعبان .

    * زمان كان اﻷخ يفدي أخوه واخته بكل ما عنده حتى لو كان طفران ، واليوم تلقى الواحد مو لاقي ياكل وأخوه في العسل غرقان .
    ومسوي نفسه زعلان لأتفه الأسباب وقطيعه وهجران لأخر الزمان .
    وينكم يا أهل الزمان تشوفوا القلوب تغيرت، ويش سوت بين اﻷخوات والإخوان !!! لا عاد الود يجمعهم و لا عادت
    المحبة بقلوبهم ولا فيه احترام للكبير منهم زي زمان .

    * زمان كانت المائة ريال تكفي العائلة ، والحين ألف ريال ما تكفي لواحد .

    * زمان توجد سيارة وحدة في البيت تكفي البيت والجيران ، والآن في البيت عدة سيارات .

    * زمان أول تعرف وش متعشي جارك ، والآن يسافر ويمرض ويروح ويرجع وأنت ما تعرف عنه شىء .

    للأسف واقع نعيشه ، ويقولون ليش المجتمع تغير كيف تلومـون الزّمــــان وعقْـــــرب الســــاعه يدور نفْس الشّهر . نفْس السنه ..نفْــس الفصول الأربعه ، اللي تغيّــــر واختـــلف ..صــدْق المبادي والشعور
    كانت بيوتنا صغيره بس .. صدورنا وسيعه ، واليوم نسْكن فـــي السـْعَه بصدور مافيها سَعه .

    نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ..... وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا
    وَنَهجُو ذَا الزَّمَانَ بِغيرِ ذَنْبٍ ..... وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانَا

  3. #48
    ..
    أبو قرون تغذى بالشمطري








    حافظت المرأة قديما على جمالها من خلال استخدامها مواد بدائية من البيئة النباتية الصحراوية ومن الاشياء التي استخدمتها المرأة للحفاظ على شعرها وتطويله كونه من عناصر الجمال الأساسية عشبة تسمى الشمطري وتتميز بخاصية العلاج والتعطير في نفس الوقت ويعتبر الشمطري مادة أساسية في حقيبة جمالها التي يعادلها الآن الكوميدينه بما تحوية من عطور وادوات التجميل وتسريح الشعر وبماركات عالمية. ولقد وصف الشاعر ادوات التجميل في تلك الحقبة ومنها الشمطري

    أبــو قـرون تـغـذى بالشـمطـري

    مثل السفايف على كور النجيبة

    ولم تقف المرأة عاجزة عن علاج شعرها عندما يتساقط أو يتقصف واخذت من التجربة والممارسة ممن سبقنها ومن أمثلة ذلك استخدامها لبول الناقة البكر كعلاج لتقوية الشعر وتغيير لونه ومع قلة مصادر العلاج الا أن النساء كن يتمتعن بشعر طويل وكثيف يتغذى بالشمطري والحناء يقول الشاعر شالح السبيعي :

    أمـر مـدهـال راع الـقـذلـة الهـلـة

    عليهم الذيب يقنب فالخلا الخالي

  4. #49
    ..
    على ذاك الجدار اللي على حد البيوت الطين
    وقفت وهاجس الذكرى نفض عن قلبي غباره

    وفي ذاك المكان ا ثبت بان الادمي من طيـن
    تخيل يوم لامستـه تنهـد مـن شقـا نـاره

    سألني و قال: انا اذكر تجوني من زمان اثنين
    بكيت وقلت صدقني رحل وانقطعت اخبـاره

  5. #50
    أحمد بن عيسى .. القاضي والفقيه

    اشتغل ابن عيسى في تجارة الأقمشة وكان مثالاً في تحري الصدق ‏والأمانة والوفاء بالعهد




    الشيخ العالم الداعية أحمد بن إبراهيم بن حمد بن عيسى، ينتهي نسبه إلى قبيلة ‏بني زيد، القبيلة ‏القضاعية المشهورة، ولد في موطن آبائه شقراء يوم الخميس العاشر من ربيع الأول عام ‏‏1253هـ، ونشأ في كنف والده العلامة إبراهيم بن عيسى، فرباه تربية حسنة ‏وغرس في قلبه حب العلم وأهله، فحفظ القرآن وتعلم مبادئ الكتابة والقراءة، ثم ‏شرع في طلب العلم بهمة عالية، ورغبة صادقة، وقرأ على والده التوحيد والفقه ‏والحديث والأصول. ‏

    ‎كان للشيخ أحمد مكانة مرموقة عند العلماء وطلبة العلم لما اشتمل عليه من أخلاق ‏فاضلة ومعاملة صادقة وورع حيث وصف بأنه نقي القلب تقي اللسان، من الفحش بري ومن الخير ‏دني، حتى إنه أشار على الشريف عون بن محمد رحمهم الله جميعاً بأن يهدم القباب المبنية على ‏القبور في ‏مكة وجدة والطائف‏، فأزالها الشريف اقتناعاً وتصديقاً لما أشار إليه الشيخ أحمد واضطر إلى إبقاء بعض القباب التي أرجأ أمر إزالتها حتى يجد الوقت المناسب لذلك، لأن مثل هذه التصرفات من حكومات الأشراف المتتابعة كانت تغيظ بعض سلاطين الدولة العثمانية.

    و‎طلب ابن عيسى العلم على يد الكثير من العلماء، على رأسهم والده الشيخ إبراهيم بن عيسى، وعلامة نجد ‏ومفتيها الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين، كما نهل من علم علماء ‏مكة المكرمة، وأخذ منهم الكثير بعد انتقاله إلى هناك حيث تفرغ للعبادة وطلب العلم على يد علماء المسجد ‏الحرام.

    قضاء المجمعة

    أصبح الشيخ أحمد بسبب علمه وعقله ونصحه مقرباً من الشريف عون يجله ‏ويقدره ‏ويعرف له فضله وحقه وهو مقيم في مكة لبث العلم ومباحثه العلماء والعبادة، ‏كما أنه مارس التجارة وكان ثقة ومحل أمانة إلى أن عاد إلى نجد بعدما توفي صديقه المقرب الشريف عون سنة 1323هـ فاستقر بنجد ‏وولاة ‏الأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد المعروف بلقب «الجنازة» قضاء المجمعة وجميع مقاطعة سدير، ‏فبقي في ‏قضاء مقاطعة سدير ‏حتى وفاة الأمير عبدالعزيز بن متعب «رحمه الله» ودانت المجمعة للملك ‏المؤسس عبد‏العزيز آل سعود، وذلك سنة ‏‏1324هـ فعزله الملك عن ‏القضاء وولي مكانه ‏الشيخ عبدالله بن عبد العزيز العنقري، وكان الشيخ أحمد بن ‏عيسى عادلاً ‏في القضاء مشكور السيرة وكان له ختم نقش عليه عبارة: ‏الفقير إلى العليم أحمد ‏بن إبراهيم.‏

    رحلة التجارة

    كان الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى تاجراً في بيع الأقمشة يتحرى الصدق ‏والأمانة والوفاء بالعهد، ‏وينتهز الفرص لدعوة وإرشاد من يتعاطى معه التجارة‎، ‏وكان يتردد بين جدة ومكة لشراء الأقمشة من الشيخ ‏عبدالقادر بن مصطفى ‏التلمساني، أحد ‏تجار جدة ومن ذوي الأملاك في مصر، وكان يدفع له ‏أربعمائة جنيه ‏ويشتري بألف ويسدد الباقي أقساطا، بكفالة ‏مبارك المساعد من تجار ‏عنيزة بالقصيم، والذي كان يمارس تجارته بمدينة جدة، ‏‎‎وكان لصدق الشيخ أحمد بن عيسى، وأمانته ووفائه ‏أثر طيب في نفس الشيخ التلمساني فقال له ذات يوم: أني عاملت ‏الناس أكثر من ثلاثين عاما ‏فما وجدت أحسن من التعامل معك، ويظهر أن ‏ما يشاع عنكم يا أهل نجد مبالغ فيه ‏من خصومكم السياسيين بسبب الحروب التي ‏وقعت بينكم وبين الباشا، فقد أشاعوا عنكم أقوالا منكرة، فسأله الشيخ أحمد أن يبينها له، فقال له الشيخ التلمساني: يقولون إنكم لا تصلون ‏على ‏النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تحبونه، فأجابه الشيخ أحمد: سبحانك هذا ‏بهتان عظيم، ‏كيف ونحن نعتقد أن من لا يصلي عليه في التشهد الأخير صلاته ‏باطلة، ونعتقد أن من ‏لا يحبه كافر، وإنما نحن أهل نجد ننكر الاستغاثة والاستعانة ‏بالأموات، لا نستغيث ‏إلا بالله وحده ولا نستعين إلا به سبحانه، كما كان على ذلك ‏سلف الأمة، واستمر ‏النقاش بينه وبين التلمساني ثلاثة أيام وأخيرا اقتنع الشيخ ‏التلمساني بما قاله له «ابن عيسى»،‏ ثم أن الشيخ التلمساني طلب منه أن يوضح له وجه الخلاف بينهم وبين ‏خصومهم في باب ‏أسماء الله وصفاته فقال الشيخ أحمد: إنّا نعتقد أن الله ‏فوق سماواته ‏بائن عن مخلوقاته مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته من ‏غير تشبيه ‏ولا تجسيم ولا تأويل، وهكذا اعتقادنا في جميع آيات الصفات وأحاديثها، ‏كما جاء ‏عن الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابيه «الإبانة في أصول الديانة» و»مقالات ‏الإسلاميين واختلاف المصلين»، ودامت المناظرة بينهما في هذه المسألة خمسة ‏عشر ‏يوما لأن الشيخ التلمساني كان أشعريا وقد قرأ كتب ‏العقائد ‏الأشعرية، السنوسية وأم البراهين وشرح الجوهرة وغيرها وقد انتهت ‏هذه ‏المناظرات الطويلة باقتناع الشيخ التلمساني بما ذكره صديقه الشيخ أحمد بن عيسى، وكان الشيخ التلمساني عالماً فاضلاً يبحث عن الحقيقة أنّا وجدها.

    وصار الشيخ التلمساني - رحمه الله - من دعاة العقيدة السلفية وطبع ‏على نفقته كتباً ‏كثيرة كان يوزعها مجانا، مثل «الصارم المنكي في الرد على السبكي» ‏لابن ‏عبدالهادي، و»الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية» المعروفة بالنونية ‏للإمام ‏ابن القيم، والاستعاذة من الشيطان الرجيم» لابن مفلح، و»المؤمل في الرجوع ‏إلى ‏الأمر الأول» لأبي شامة المؤرخ الدمشقي، و»الفرقان بين أولياء الرحمن ‏وأولياء ‏الشيطان» للإمام أحمد بن تيمية، و»الرد الوافر» لابن ناصر الدين الدمشقي، ‏و»غاية الأماني في الرد على النبهاني» للسيد محمود شكري ‏الألوسي البغدادي.‏

    مراسلاته

    وقد مدح الشيخ أحمد كثيراً من العلماء الأجلاء، نظماً ونثراً منهم الشيخ ابراهيم بن ‏صالح بن عيسى الذي قال فيه قصيدة هي:‏

    لقد بان من تهوى فهل لك منجد

    وقد وَدَّعَتْ سعدي فهل لك مسعد

    ‏فقلبك من حر الغرام متيم

    وجفنك من فقد الحبيب مسهَّد

    وتذري إذا غنت مطوقة الحمى

    دموعا حكاها اللؤلؤ المتبدد

    وإن ذكروا أطلال نجد ورامة

    علا فوق اقطار العذيب تنهد

    رعى الله من هام الفؤاد بحبها

    وشَبّت لهيبا في الحشا يتوقد

    عزيزة وصل يخجل البدر وجهها

    كعاب لها الشمس المنيرة تحسد

    لقد فضلت كل الحسان بحسنها
    كما فضل السادات ذو المجد أحمد

    هو الماجد المفضال لله دره

    حميد السجايا في المكارم أوحد

    إمام حوى علما وحلما وعفة
    وزهدا ونسكا فضله ليس يجحد

    غزير المعاني لوذعي مهذب
    أديب أريب ألمعي مسدد

    كريم حليم شأنه الجود والوفا

    وبحر خضم غالب ثم مزيد

    أزاح قتام الشرك منه بنبذة

    لها الوحم ردء والحديث مؤيد

    بقيت ابن إبراهيم للدين ناصرا

    تناضل عن دين الرسول وتَنْهَدُ

    وقال أيضاً فيه كاتباً من أشيقر والشيخ أحمد إذ ذاك في بلد المجمعة قاضيا على ‏بلدان سدير سنة 1317هـ‎:‎

    هو الفتى نجل إبراهيم من فخرت
    به العلوم على التفصيل والجمل


    هو الإمام الفقيه الحبر قدوتنا

    أكرم به من إمام سيد بطل

    ‏مؤيد راسخ في العلم متبع

    أثر المطهر طه خاتم الرسل

    وفي عام 1302هـ حين اضطربت الأحوال في بلاد نجد وما جاورها من البلدات كتب الشيخ أحمد بن عيسى قصيدة لأمراء آل سعود يحثهم على اجتماع الكلمة في قصيدة مطلعها‎:‎

    متى ينجلي هذا الدجى والدياجر

    متى ينتهض للحق منكم عساكر

    ألم يك للأسلاف منكم مناقب

    ألم يك للأخلاف منكم مفاخر

    أيا مفخر العوجاء ذوي البأس والندى

    أجيبوا جميعا مسرعين وبادروا

    طلبه للعلم

    طلب الشيخ أحمد بن عيسى العلم على يد عدد من العلماء الأجلاء، وعلى رأسهم كان والده الشيخ إبراهيم بن عيسى، وعلامة نجد ‏ومفتيها الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين، كما نهل من فيض علماء ‏مكة المكرمة، وأخذ منهم الكثير حيث ارتحل إلى بيت الله العتيق وتفرغ هناك للعبادة وطلب العلم وشرع في التزود منه على يد علماء المسجد ‏الحرام، حيث قرأ ‏على العالم الجليل محمد بن سليمان الشافعي المكي، والشيخ العالم حسين بن محسن ‏الأنصاري الهندي، والمجاور في تلك الايام بمكة ‏المكرمة، ‏‎والشيخ العلامة المحقق ‏حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي، ثم سافر للرياض وكان فيها العالمان الجليلان الشيخ عبدالرحمن بن حسن وابنه ‏العلامة الشيخ عبداللطيف، فأخذ عنهما وتقدم بما وهبه الله من حرص ومثابرة على طلب العلم على عدد من أقرانه لا سيما في ‏التوحيد بأقسامه الثلاثة والفقه على ‏مذهب الإمام أحمد.‏

    مؤلفاته

    وبجانب نشاط الشيخ أحمد بن عيسى في الدعوة إلى الله باللسان كان يدعو بقلمه إلى ضرورة التمسك ب‏التوحيد ودعم أهله ومحاربة الشرك وجنده وقد ترك حول ذلك مؤلفات نفيسة منها «توضيح ‏المقاصد وتصحيح القواعد،‏ شرح النونية لابن القيم»، قال الشيخ عبدالله بن جبرين ‏فيه» وهو من أنفس الشروح وأجل الكتب في هذا الفن»، وكتب الشيخ أحمد في ‏مقدمة شرحه: «ولما كنت قد ‏نبغت في الفنون قديمًا، وصبغت بها أديمًا، ‏وكنت ‏للكتب وأرباب الكتب سميرًا وبرعت في تلك ‏العلوم، وكرعت في رحيقها ‏المختوم، ‏عَنّ لي أن أضع عليها شرحًا يفتح مغلقها ويقيد مطلقها، ‏وذلك مع تراكم ‏الأشغال، ‏وتبليل البال، ومع ذلك كان تحرير هذا الشرح في حال غيبتي عن ‏كتبي ‏التي هي ‏رأس مالي وعيبتي، إلا أن الله سبحانه، بفضله أعان، وأمد بأسباب لم ‏تخطر ‏على ‏بال». ‏‎‎‏ ‏

    ومما يروى عن مآثر الشيخ أحمد بن عيسى ما ذكره الشيخ العلامة سليمان بن حمدان أنه كان جالساً يوماً عند ‏الشريف ‏عون فمر ذكر أصحاب الطرق وما يفعلونه من الأذكار المبتدعة، فقبح ‏الشيخ فعلهم ‏وقال إنها أمور مبتدعة لا أصل لها في الشرع، وفيها استهانة بذكر الله ‏وأسمائه، ‏وذكر للشريف عون مثالاً أقنعه به، ففرق شمل أصحاب الطرق ولم يترك ‏منهم أحد ‏يجتمع على شيء من ذلك.‏

    ومن مؤلفاته أيضًا «تنبيه النبيه والغبي»، طبع ‏ضمن مجموعة كتب طبعها «الكردي» عام 1329هـ، و»‏خلاصة الكلام في بيان أمراء البلاد الحرام‏»، و»تهديم المباني «، و»الرد على شبهات المستعينين بغير الله»، وهو رد على داود بن جرجيس ‏العراقي.‏

    أخلاقه ومآثره

    عرف عن الشيخ أحمد بن عيسى -رحمه الله- التواضع ولين الجانب، حتى أنه إذا طلبه الشريف أرسل مع ‏خادمه ‏حصانا ليركبه فيأبى، إلا إذا كانت المسافة بعيدة، فإذا ركب حرص على أن ‏يركب ‏في المواضع التي لا يمر فيها على أحد، فاذا قارب الأسواق نزل وذهب ‏ماشياً على ‏قدميه، وأمر الخادم أن يذهب بالحصان.‏

    ويُذكر أنه كان مكبًا على المطالعة والتصنيف وإذا مر على شيء يحتاج إلى توضيح ‏أو ‏تعقيب أو رد، كتب عليه بخطه الواضح الذي لا يشتبه بغيره.‏

    ‎‏‏تلاميذه

    ومن تلاميذ الشيخ أحمد بن عيسى الذين أخذوا عنه العلم، الكثير في نجد ‏والحجاز، منهم الشيخ عبد الستار الدهلوي، ‏والشيخ أبو بكر خوقير الحنبلي، ‏والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، من كبار علماء نجد، حج ومكث ستة أشهر يقرأ ‏فيها على الشيخ أحمد «الروض المربع شرح زاد المستقنع»، وسماحة الشيخ عبدالله ‏بن حسن آل الشيخ رئيس القضاة سابقا‎، والشيخ عبدالقادر التلمساني، والشيخ ‏صالح بن عثمان آل قاضي، قاضي مدينة عنيزة، و‎الشيخ عبد الله الرواف من علماء ‏بريده، والشيخ محمد بن مبارك قرأ عليه طويلاً وأجازه‎، و‎الشيخ صالح بن عبد‏الرحمن الدويش من أهل الزلفى قرأ عليه في مكة المكرمة، و‎الشيخ عبدالله بن ‏حميد مفتى الحنابلة بمكة‎، كما قرأ عليه ‎الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى المؤرخ المشهور وذلك في مدينة شقراء.‏

    وفاته

    توفي الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى بعد صلاة الجمعة في اليوم الرابع من جمادي الثانية من عام 1329هـ، في ‏بلدة المجمعة بسدير، وصُلي عليه في جامعها بعد العصر، أمّ الناس عليه الشيخ ‏عبدالله بن عبدالعزيز العنقري، وشيعه الكثير ودفن في ‏مقبرة حويزة -رحمه الله- كما صليت عليه صلاة الغائب في عدد من البلدان، ويُذكر أنه خلف ‏أبناء منهم من سار على نهج والده في طلب العلم، وأصبح لاحقًا قاضيا ‏في بلدة العلا، ثم أحيل إلى التقاعد، ولهذا ‏الإبن عدد من الأبناء الذين سلكوا مسلك أبيهم وجدهم الشيخ أحمد بن إبراهيم العيسى رحمه الله رحمةً واسعة.‏ ‏


    تولى ابن عيسى القضاء وكان عادلاً بين الناس


    عرف الناس ابن عيسى صدوقاً ومتواضعاً في تعامله معهم


    ارتحل الشيخ أحمد كثيراً لطلب العلم

  6. #51
    ..
    زواجات زمان .. البركة تحل مع « البساطة والستر »

    لقطة في البادية منذ ثمانين عاماً لفتيات يرقصن في أحد الأفراح




    عند ما غادر (سالم الطواش) قريته النجدية -والطواش هذا لقب أضفى عليه لاحقا بعد ما اصبح أحد تجار اللؤلؤ البارزين في الخليج- عندما غادرها وهو في ريعان شبابه كان قد قطع عهداً لخاله انه سيعود يوما إلى القرية حتى يتزوج (دلال).

    لقد عاش سالم طفولة بائسة ذاق فيها مرارة اليتم بعد ان توفيت والدته ثم والده ليتكفل به خاله وهو صغير، ويعيش مع بناته الأربع كأي طفل يتربى بين أخواته، إلا أن (دلال) البنت الوسطى كانت تعني له شيئا آخر حتى وان شاركها المسكن والمأكل واللهو البرئ مع اطفال القرية..

    اقتحم البحر مع مراكب صيد اللؤلؤ طلباً للمهر الذي يليق بها، وحمل اسمها إلى حناجر الصيادين والنهامة في اغاني (الهوليو.. واليامال)..

    يا مركب الدخان دخانك علينا عود

    متى على الله لدارك يادلال نعود

    «الهواوية» يحاولون رؤية ظل شعر راقصة يطير في الهواء يعكسه

    نور «اتريك القاز» على الحائط!

    لم تمض سنوات قليلة حتى استطاع ان يحقق مبتغاه؛ ويعود محملاً بالهدايا مع قيمة المهر، ويستأجر احدى السيارات مع بداية ظهورها التي اقلته إلى قريته، ووصل اليها بعد بضعة أيام من السفر قبيل منتصف الليل متوجها إلى بيت خاله الذي استقبله متفاجئاً، ولكنه مرحباً وأجلسه مستطلعاً كل اخباره حتى اذا ما انتهى من حديثه عرج إلى داخل المنزل وعاد يحمل "صحناً" مليئاً بالطعام، وعندما مد (سالم) يده للصحن ليتناول اول لقمة سأل خاله: يبدو كان عندكم ضيوف سبقونا عليكم .. وتكرموا علينا بباقي العشاء..!

    رد خاله: أبداً، وانما كان من بقايا عشاء زواج (دلال) هذه الليلة، عندها كظم (سالم) أسنانه على لقمته وسحب يده لينسل من المكان ويغادر القرية، كما غادرها أول مرة لكنها بلا رجعة هذه المرة!

    قصة تحمل مفاجأة غير سارة بالتأكيد نبدأ بها موضوعنا هذا عن الزواج وتقاليده قديماً والذي يختلف باختلاف الأزمنة والاماكن؛ لكنها تظل تمثل واقعاً حقيقياً في مرحلة من المراحل ربما نستشف منها قساوة حياة الماضي ..

    مشروع الخطبة

    في الماضي ماكان العريس يعطى حرية اختيار شريكة عمره الا نادراً، فكان الوالدان مخولين لممارسة نوع من الوصاية الجبرية؛ تجعلهم هم من يحدد الزوجة ويختارها وعلى العريس القبول بالامر مهما كان؛ وعادة ما تقوم الام بدور دعائي للزوجة المختارة تتجلى فيه احترافية الاقناع وهي تنقل مواصفاتها في جملة مكررة حفظها كل العرسان الذين سمعوا تقريباً جملة (البنت اللي تهبّل..ظفرة.. ومزيونة .. شعرها تحت الركبة وهدب عينها إلى الوجنة) لكنهم في حالات كثيرة ايضا يعرفون بعضهما في سن الطفولة لعبوا مع بعضهما مع اطفال الحارة أو سرحوا في المواشي واجتمعوا في مناسبات كثيرة مثل الاعياد والاعراس..

    ومثلما تقوم ام العريس في اختيار الزوجة تلك المرحلة فإن الاب في حالات كثيرة ينوب عن العريس في الملكة أو العقد دون حضور الابن عند العاقد، اما لأن لديه وكالة شفهية من الابن أو تحت قناعة ان الوالد (أبخص) عندما يحضر عند العاقد بصفته وكيلاً، وقد يتوجه الاب إلى احدى القرى أو البوادي المجاورة بصفته وكيلاً شفهيا عن الابن بمهمة خطبه ويتفاجأ الابن بعودته بعد يومين أو ثلاثة يقتاد بعيراً أو حماراًً يحمل العروس حتى أن ابا عاد ومعه العروس فأيقض ابنه الذي كان يغط في سباته، طالباً منه الذهاب إلى عروسته حينها لم يكن هناك عقود مكتوبة خصوصاً في القرى والهجر، وعندما عرف الناس العقود بدأت الشروط المكتوبة وتكاد تكون من طرف ولي الزوجة وتنحصر في تحديد اقامة الزوجة وتكتب بطريقتها العفوية مثل: واشترطت فلانة أن تكون (طينة) من جدار بيتهم .. أو قريتهم ويحدد هذا الشرط بفترة زمنية عشر سنوات أو أكثر أو أقل أو يترك مفتوحاً أو يحدد بأنجابها المولود الثالث أو الرابع في اشارة إلى بقائها بعد الزواج ببيت والدها حتى ينقضي الشرط..

    مهر العروس قديماً

    مهر الزواج قديماً لا يتجاوز ثوب للعروس و(قطيفة) نوم، وهي زولية صوف يدوية تكفي لنفرين يفترشون نصفها ويلتحفون نصفها الآخر ومعهما قلادة خرز أو خاتم نحاس، وهو مهر غالبا لا يتجاوز تجهيزات العروس الضرورية؛ حتى وان كانوا في البادية قد يشترطون في العوائل الميسورة إضافة ( قعود أوضح) أو بندقية لأخي العروس ومثلها عند الحاضرة قد يكون مبلغاً يسيراً أو شيئاً عينياً آخر لا يتجاوز هذه الاشياء البسيطة.



    زواج الصحراء

    بعد ذلك تأتي استعدادات ما قبل الزواج وتكاد تكون بسيطة جداًً، الا انهم أحياناً يخفون الفتاة في الصحراء في مكان مظلم لفترة حتى يعود اليها بياض أو لون البشرة، حيث لم يكن هناك مزينات أو كوافيرات فيقمن بعض صديقاتها يوم الزفاف بدور المزينة، وتنحصر العملية بخضاب الكفين (الحناء) وفي الكحل وأحمر الشفايف الذي يستخدم له بعض اغصان الاشجار الصحراوية وتصفيف الشعر الذي يستخدم له الماء بأوراق السدر وفي الصحراء يغسل بأبوال الابل!

    زواج نجد في الثمانينات

    في الجانب الاخر(اذا ما تحدثنا عن الزواج النجدي في الثمانينات الهجرية) يبدأ الرجال الترتيب لحفل الزواج وينصب الاهتمام الاكبر بوجبة العشاء حيث تبدأ (العانيات) تنهال على بيت العريس من الاقارب والجيران والاصدقاء، وتكون في الغالب ذبيحة أو كيس أرز أو هيل أو قهوة أو مبلغاً مالياً، وحينها لم تعرف صالات الافراح، حيث يقام الحفل في منزل بيت أهل العروس ويبدأ الاستعداد منذ صباح ذلك اليوم بتجميع الفرش من بيوت الجيران وفرشها بالمكان الذي تم اختياره، وهو اما الشارع الواقع امام المنزل أو أحد ساحات الفضاء القريبة منه، والتي تهذب قبل ذلك وترش بالماء وفي احد جوانب المكان توقد النار وتصف دلال واباريق القهوة والشاي ويتبرع الجيران والاصدقاء بإعداد القهوة وصبها للضيوف، فيما يختار في الركن الاخر مكان طبخ العشاء الذي ان لم يتعاون عليه نساء الجيران يؤتى له بطباخ معروف يأتي مع كل اسرته لاعداد الوجبة التي ستقدم للضيوف بعد صلاة العصر قبل حلول الظلام، حيث لا وجود للكهرباء.

    وفي أحد اطراف البلدة يحدد مكان لاجتماع (الجنب) أو المدعوين وبعد صلاة العصر ينطلقون ان كانوا على دواب او سيارات في سباقات استعراضية خلف السيارة التي تقل العريس وتعلق الابواق عند دخول البلدة، ويستقبلون بالتصفيق والاهازيج وما ان يحطوا في مكان الحفل ويأخذ المدعوون أماكنهم حتى يؤخذ العريس بيده من قبل (الموصي) وهو احد كبار السن من اقاربه الذي ينفرد به ويجلس معه على مرأى من الضيوف يهمس في اذنه جملة من النصائح والوصايا المتعلقة بليلة الدخلة من أهمها واطرفها الحذر من خربشة اظافر العروس في وجهه، وإطفاء انوار الغرفة لاتقاء نظرات الفضوليين الذين سيحاولون استراق نظرات عليه وعلى عروسه من فتحات الباب و"شقوق" الجدران والطلب منه الامتناع منذ هذه اللحظة عن شرب القهوة والشاي، أما لماذا فلأن العروس قد تنتهز أي فرصة لخروجه لدورة المياه فتهرب منه إلى غرفة أمها..!


    فتيات بكامل زينتهن في طريقهن للفرح


    حفل النساء..أجمل

    بعد صلاة المغرب يبدأ حفل النساء داخل منزل أهل العروس وفيما يحاول بعض كبار السن من خارج المنزل الظفر بمشهد ظل شعر راقصة تطيره في الهواء ويعكسه نور (اتريك القاز) على الحائط المجاور، بينما الصبيان يحاولون تسلق الجدران المحيطة والجلوس فوقها للاستمتاع بالحفل الذي لا تقطعه الا لحظة دخول العريس مروراً بالنساء والذي يبدأ استعادة توجيهات (الموصي) وهو يدخل إلى عروسه بالتعامل اولا مع (الربعية) التي تجلس مع العروس في غرفتها وتسلمها للمعرس لتتسلم مبلغاً من المال تخرج بعدها ليدخل (المقهوي) يحمل الدلة وابريق الشاي والمبخرة ويجلس امام المعرس بصمت يصب القهوة ونظراته إلى الاسفل، فيما تختبئ العروس بعباءتها خلف ظهر عريسها!، وهذا المقهوي سيعود بعد خروجه يطرق باب الغرفة منتصف الليل يحمل دلته، ومرة ثالثة في الصباح قبل مجئ مهنئين "الصباحية" من الاقارب نساء ورجال..

    حفل النزالة

    وفي اليوم الثالث أو الرابع يتحتم على العريس اقامة حفل بمنزله بنفس شكل وترتيبات الحفل الاول يسمى (النزالة) الفارق بينهما ان النساء لا يبدأن الحفل حتى يحضر إليهن (المهلي) أو المرحب مع مجموعة من اقارب العروسين الذي يقف على رأس العروس وسط الحفل، ويرفع صوته بجملة الترحيب المتعارف عليها (يا هلا ويا مرحبا يافلانة بنت فلان النور قدامك والظلما وراك .. كل اللي بها البيت فداك الا الشايب والعجوز .. يقصد الاب والام ).







  7. #52
    الحياة الصعبة علّمت الأجداد طرق حفظ الماء وعدم الإسراف في استخدامه

    المدي حوض مستطيل لسقيا الاغنام


    الماء قوام الحياة وأساس سكنى الديار، وبدونه يهجر الإنسان المكان وتقفر الأرض من سكانها وتفتقر، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل ولا برهان، فالشرب والرعي والزراعة لا تقوم في أماكن الجفاف، وعمران البلدان جاء بجوار الأنهار والوديان والمناطق التي يتوفر فيها الماء.

    ولقد تعلم أجدادنا من الحياة الصعبة طرق حفظ الماء وعدم الاسراف في استخدامه وأولوه أهمية كبيرة، واحتلت مفردة الماء مكانة في ذاكرتهم وأدبهم واهتمامهم، وما كان له الأهمية فإنه يكثر استخدامه في ثقافة الشعوب، جاء في الأمثال الشعبية قولهم:

    (الشتاء يبي صميل والقيظ معك علمه) ويضرب المثل للاحتياط في السفر بالتزود بالماء سواء في الشتاء أو الصيف، كما يضرب المثل للاحتياط عموما في كل ما يحتاج لذلك.

    وقالوا أيضا (الماء ما يغطيه النبيث) ويضرب المثل لشيء لا يمكن إخفاؤه كالأخبار المهمة والثروات والأموال وما شابهها.

    وقالوا أيضا (يغصون بالماء ويجرعون البعارين) ويضرب المثل لغياب المعايير العادلة عند بعض الناس.

    كما قالوا أيضا (الماء ما سمّن الضفدع) ويضرب لمن لا ينتفع بما لديه.

    كما قالوا (ضوه مرشوشة بماء) ويضرب للمشكلة تنطفئ فجأة أو فتنة يقضى عليها، والضو: هي النار.

    ماني بمن يطرد سراب بمضماه شاف السراب ويحسبه إنه غديري
    وأيضا قالوا (اغسل يدك منه بالماء والصابون الممسك) ويضرب للشيء تقطع صلتك به أو العمل تنتهي منه، أو أمر من الأمور تفارقه تماما لعزوفك عنه.

    وقالوا أيضا (يقلبه السيل ويقول ديمة) ويضرب لمن تجري الأخبار المهمة حوله وهو لا يدري ماذا حصل لغفلة فيه أو تغافل.

    أيضا قالوا (كل عليه من زمانه واكف) والواكف هو نزول ماء المطر من السقف، ويضرب المثل لانشغال الناس بمشاكلهم التي يعانون منها.

    وقالوا (ألطف أو أبرد من الماء على الظميان)

    ويقول الشاعر عبدالله بن سبيل:

    لا تاخذ الدنيا خراص وهقوات

    يغرك عن نقل الصميل الــبراد

  8. #53
    بدأت داخل "أرامكو" وانتشرت في 4 مدن شهيرة


    السينما السعودية .. انطلقت من الأحواش ودمرتها أفلام السبعينات






    قبل نصف قرن لم يكن السؤال مطروحًا، ولا السجال بشأنه متداولًا، فقد كانت دور السينما في شوارع الرياض الرئيسية، مثلها في ذلك مثل القاهرة وبيروت، وغيرها من العواصم العربية.

    وحتى سبعينيات القرن الماضي، ظلت السينما حالة اعتيادية داخل المملكة، يدعمها بعض رجال الأعمال، ويغلب على كثير منها الطابع التسجيلي، كتلك التي قدمها المخرج عبدالله المحيسن.

    أما الجمهور فكان يقبل على مشاهدتها باهتمام في "الأحواش" المخصصة لعرض الأفلام، وأغلبها كانت بالأندية الرياضية.

    بينما تنوعت معروضات الشاشات الكبيرة، حينئذ، بين الأفلام التوثيقية التقليدية، إضافة إلى الأفلام المصرية، وأفلام "الأكشن" الآسيوية، ولم يكن أغلبها على مستوى التنافس العالمي، وفقًا لآراءأغلبالنقاد الفنيي

    سينما الاحواش
    يعتبر الموظفون الغربيون بشركة كاليفورنيا العربية للزيت القياسي (التي تحول اسمها إلى أرامكو فيما بعد)، هم أول من أدخل دور العرض السينمائية إلى السعودية، حيث نصبوا الشاشات الكبيرة في مجمعاتهم السكنية، خلال فترة الثلاثينيات الميلادية، لمتابعة الأفلام الأمريكية والأوروبية.


    ولم يقتصر دور "أرامكو" على إنشاء دور السينما فقط، بل امتد إلى مرحلة الإنتاج، ومن أشهر الأعمال التي أنتجتها "أرامكو" فيلم وثائقي عن تدشين أول بئر بترولي بالمملكة بحضور الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله.

    ومن داخل المجمعات السكنية للموظفين الأجانب، انتشرت دور السينما إلى 4 مدن سعودية، هي الرياض وجدة والطائف وأبها، حتى وصل عدد دور العرض في جدة وحدها إلى 30 دارًا، بأسعار تذاكر تتراوح بين 3 إلى 10 ريالات، بحسب عدد الأفلام المشاهدة في كل حفلة.

    كما كانت "حارة السينما" -كما يسميها أهل الرياض- في حي المربع، تجمع عددًا كبيرًا من أماكن عرض الأفلام، وسجلت أعلى أرقام للإقبال على "تأجير" آلاتها.

    وأنشأ "أبوالسرور بري" أول حوش لعرض الأفلام السينمائية بالمدينة المنورة بسهولة تامة، خاصة أن عملية تأسيس مثل هذه الدور لم تكن تتطلب رخصة رسمية في ذلك الوقت.

    ولم تكن "سينما الأحواش" الناشئة حينئذ كتلك التي نشاهدها حاليًا في "مولات" بعض الدول الخليجية، أو كالشاشات التي تنصبها "كافيهات" المملكة، ليس فقط بحكم البدائية التكنولوجية، ولكن لأن أغلبها كان مفتقرًا للتنظيم والتهيئة اللازمة للمشاهدة والتسويق المناسب.

    ويظهر ذلك جليًّا من استعراض الصور النادرة لتجمعات السعوديين الأولى أمام "صناديق" البث الموجهة أمام شاشات العرض، التي اقتصرت على اللونين الأبيض والأسود بطبيعة الحال.

    كما اقتصر جمهور "سينما الأحواش" على الرجال فقط في البداية، ثم دخلت "العوائل" كجمهور أساسي في مقاعدها الخلفية، في مراحل لاحقة.

    هذه الحالة "غير النظامية" أثّرت بشكل رئيسي على تطور النظرة للفن السابع كـ"صناعة" داخل المملكة، فلم يكن الأمر مطروحًا إلا على سبيل الترفيه، ولم تنتظم العروض في شكل حفلات ثابتة، بخلاف ما جرى في القاهرة وبيروت.

    ورغم ذلك فإن بدايات "توطين الإنتاج السينمائي" شقّت طريقها منذ بداية خمسينيات القرن الماضي وحتى نهاية السبعينيات، فظهر أول فيلم محلي عام 1950 و حمل عنوان "الذباب"، من بطولة حسن الغانم، الذي سجل التاريخ اسمه باعتباره أول ممثل سينمائي سعودي.


    نقلة نوعية


    أما البداية الحقيقية للإنتاج السينمائي السعودي فكانت عام 1966 حيث أنتج فيلم "تأنيب الضمير" للمخرج السعودي سعد الفريح، من بطولة الممثل السعودي حسن دردير.

    وتطور مستوى الإنتاج فنيًّا، إلى أن وصل إلى محطة عام 1976، حين قدم المخرج السعودي، عبدالله المحيسن، فيلمه "اغتيال مدينة"، الذي تناول الحرب الأهلية اللبنانية ومدى الضرر الذي ألحقته بمدينة بيروت الجميلة، وحاز حينها على جائزة (نفرتيتي) لأفضل فيلم قصير، ليعرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977.

    إلا أن هذا التطور، واجه عقبة خطيرة، تسببت في تعطل مسيرته بل وإنهاء وجود دور السينما في المملكة بأكملها.

    فقد انتشرت بعض الأفلام، التي كانت سببًا في توجيه اتهامات لقطاع السينما بأكمله، بأنه يروج لمخالفات شرعية وثقافات انحلالية لا تتوافق مع نظام الدولة، ولا تناسب قيم مجتمعها، وهو ما كان سببًا رئيسيًّا في البدء التدريجي لإغلاق دور السينما، حتى انتهى وجودها بشكل تام في حقبة الثمانينات.

    وبالرغم من إنهاء وجود دور العرض، إلا أن فن السينما في حد ذاته، لم يغب بشكل نهائي عن السعودية، حيث ظل الممنوع مرغوبًا لدى قطاعات معتبر بالمجتمع، ترنو إلى ما هو جديد وحديث، لا ما هو إباحي وانحلالي بالضرورة.

    ومن هنا سجلت الذاكرة السعودية انتشار سينما "الجلسات الخاصة" داخل المنازل للأقارب والأصدقاء، على مدى أكثر من 20 عامًا، حتى انتقلت "ثقافة الأفلام" إلى مرحلة "التوطين".

    بصمة المحيسن

    وفي إطار محاولة الإبقاء على آخر رقم للسينما بالسعودية، قام الفنان السعودي سعد خضر في حقبة الثمانينات، ببطولة فيلم روائي طويل، مدته ساعتان ونصف، بعنوان "موعد مع المجهول" (1980)، تلاه فيلم "الإسلام جسر المستقبل" في عام 1982، والذي يصور فيه عبدالله المحيسن المراحل التاريخية للقضايا العربية والإسلامية بداية من هجمات التتار والمغول، مرورًا بالاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وتسلل اليهود إلى المنطقة العربية، وانتهاءً ببروز القوتين العظيمتين في العالم، حيث يجسِّد الفيلم المعاناة العربية والإسلامية بشكل مؤثر.

    وبالرغم من أن فيلم المحيسن أثبت لكثيرين أن فن السينما قد يكون ذراعًا قوية لنشر الوعي بالقضايا العربية والإسلامية وتقوية الوازع الديني، إلا أنه لم يكن كافيا لإقناع كثيرين بعودة دور السينما.

    وشارك المحيسن بفيلمه التاريخي في مهرجان القاهرة السادس، ونال الجائزة الذهبية، ما يشير إلى ما يمثله هذا الاسم من قيمة كبيرة في تأسيس أول سينما سعودية بمستوى تنافسي، وهو ما توجه عام 1991 بفيلم "الصدمة"، الذي قدم فيه رؤيته الخاصة عما حدث في عام 1990 من غزو للكويت، ومن ثم تحريرها في حرب الخليج الثانية والأثر الذي أحدثته هذه الأزمة على المنطقة.

    الإنتاج السعودي


    ثم بدأ عهد جديد بالألفية الثانية، انتشر فيه المبتعثون ببلاد الدنيا، وتخصص عدد منهم في فروع الإنتاج الفني المختلفة، فتصاعد الإنتاج السينمائي السعودي إلى عدد 5 أفلام فأكثر في العام الواحد، وبات من الجائز القول بأن هناك صناعة سعودية واعدة في مجال السينما.

    ويمكن اعتبار هذه الحقبة، الممتدة إلى حاضر المملكة، العصر الذهبي للإنتاج السينمائي الوطني كمًّا وكيفًا.

    فقد وصل إجمال عدد الأفلام السعودية في الفترة (من 1975 حتى 2012) إلى 255 فيلمًا، أغلبها في الـ16 عامًا الماضية، وحصل المخرجون والممثلون السعوديون على عشرات الجوائز في المهرجانات السينمائية، العربية والدولية، عن أعمال أشهرها فيلم "حرمة"، الذي حصل على الجائزة الذهبية لمهرجان بيروت السينمائي لعام 2013، وهو ذات العام الذي أعلنت فيه أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية ترشيح "وجدة" ضمن 71 عملًا مرشّحًا لجائزة أوسكار العالمية، كأول فيلم سعودي، وفي أغسطس 2016 تم اختيار الفيلم الكوميدي الرومنسي "بركة يقابل بركة" لتمثيل المملكة في جوائز أوسكار 2017 بفئة أفضل فيلم أجنبي.

    شرعية واقعية

    ولما فرض الواقع نفسه، وكسر الإنترنت حدود الحواجز الثقافية والجغرافية، أصبح "يوتيوب" في يد كل مواطن، وليس في منزله فقط، وباتت شاشات الفضائيات والكافيهات متاحة للجمهور، وبعضها متخصص في عرض الأفلام، فانتشرت ثقافة السينما من جديد، لكن بمساهمة وطنية هذه المرة.

    وبحسب نقاد الفن السابع، فإن الاستناد في رفض عودة دور العرض إلى المملكة بما جرى في سبعينات القرن الماضي لم يعد دقيقًا، خاصة في ظل عدم تشكيل الأفلام لقاعدة سينمائية كتلك التي تتمتع بها اليوم.

    كما لم تصل الأعمال الفنية في هذه الحقبة إلى مستوى الاحترافية القائم حاليًا، بل غلب على معظمها الطابع التجاري، ربما بحكم خلفيات الجهات الداعمة (شركات النفط).

    واليوم تسكن أفلام السينما جيب كل مواطن، عبر شاشة جواله، لكنها تغيب عن دورها التي كانت في فترة انتشارها الأول بالمملكة، في مفارقة يعتبرها العديد من المراقبين ازدواجية غير مبررة.

    وعززت نشأة صناعة الأفلام المحلية من شعور متابع الشأن السعودي لهذه الأزمة، فدور العرض غابت عن ساحة المملكة، لكن أفلام السينما لم تغب يوما عن حياة مواطنيها.

    كما كرست قدرة الكثير من مواطني المملكة على السفر هذا الشعور، حتى رصدت الإحصاءات الرسمية إنفاق السعوديين لأكثر من 20 مليار دولار على الترفيه خارج المملكة، لا سيما حضور عروض السينما المميزة.

    أفلام بلا سينما

    وهكذا تسبب كسر الحظر واقعيا، في تصاعد الجدل بشأن إعادة دور السينما مرة أخرى، ورغم أنها لم تعد فعليا، إلا أن الداعين لعودتها نجحوا في كسب شوط عريض في هذا الشأن، بعدما تم تنظيم عروض ومهرجانات سينمائية بالمملكة، يتخللها أفلام سعودية.

    وشهدت جدة أول مهرجان سينمائي محلي بالمملكة عام 2006 حمل مسمى "مهرجان جدة للأفلام"، بإشراف المخرج ممدوح سالم، وسجله المراقبون كأبرز حدث ثقافي على الساحة العربية.

    كما استضافت جدة، في عام 2010، مهرجان الأفلام الآسيوية بمشاركة 28 فيلمًا روائيًّا طويلًا، وتسجيليًّا قصيرًا، ووثائقيًّا متوسط الطول من 13 دولة.

    وبالرغم من ذلك، لا تزال قضية عودة دور السينما، تواجه جدلًا واسعًا، في ظل تمسك المعارضين لها، بفكرة أنها ستمثل بابًا لانتشار المفاسد الأخلاقية، وهو ما يقف حائلا قوية أمام عودتها.

    وربما يفسر ذلك أيضًا حالة الجدل حول "مخاوف المفاسد" بين السينمائيين السعوديين أنفسهم، وهو ما عبر عنه المخرج ممدوح سالم بقوله إنها قائمة على "ترسبات سينما الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي"، والتي اعترف بأنها عرضت الغث والثمين، ما دفع كثيرًا من علماء المملكة للوقوف منها موقف التحريم.

    لكن سالم يرى أن مهمته، وزملائه من السينمائيين هو هدم هذا الحاجز، "لأن ما ندعو له هو في إطار السينما المنضبطة" حسب تعبيره.


    السينما قادمة


    وبهذا المضمون جاء تصريح رئيس هيئة الترفيه، أحمد الخطيب، الذي أكد فيه أن "السينما قادمة". مشددًا على أن موقف هيئة الترفيه واضح من أي تجاوزات أو مخالفات. مشيرًا إلى رفض أكثر من 150 فعالية، قدمتها شركات عاملة في مجال الترفيه؛ لتعارضها مع نهج الهيئة القائم على احترام تعاليم الدين الإسلامي.

    "عاجل" من جانبها، أجرت تصويتًا عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "*****" طرحت فيه سؤال على قرائها مفاده "هل تؤيد فكرة السماح بفتح دور للسينما في السعودية؟".
    وجاءت النتائج في صالح عودة السينما بشكل ملحوظ، حيث أيد 51% من المشاركين في التصويت الذين بلغوا 162 ألفا، عودة السينما بشكل تام، بينما عارضها بشكل تام أيضا قرابة 36% من المشاركين، فيما أيدها ولكن بضوابط شرعية قرابة 9%، وأخيرًا جاء في آخر القائمة 4% من المشاركين أبدوا عدم اهتمامهم بالقضية بأسرها.
    خلاصة المشهد أن السينما حاضرة بالفعل، فيما تدور السجالات حول "آلية عرضها وتنظيمها" انطلاقًا من شبح تجربة السبعينيات، أما المجتمع فتشير الإحصاءات إلى أنه قد حسم أمره بالإقبال على الفن السابع، عبر الإنترنت، ودور السينما خارج المملكة، لكنه ينتظر وفاقًا يحسم هذا الجدل داخلها، ما يوفر على أبنائها مليارات الدولارات وآلاف من فرص العمل.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبـو حـســام ; 05-04-2017 الساعة 10:18 PM

  9. #54

  10. #55
    الحنين الذي يتردد في القصائد أحاسيس وشعور متعلقة بالأمس





    إن من يتشبث بالماضي ويريده ويعشقه وهو اليوم يفتقده، يقدم سببا واضحا لهذا الفقد وهو غياب الكثير من سمات البساطة والتآلف والحمية وحسن الجيرة والتقارب بين القلوب والأمانة واحترام الأعراف الطيبة والمبادئ، والبعد عن العيب وما يقلل من قيمة الشخص.

    تمر سنين من عمري واردد للملا موال ترى اللي ماله أول ماله بهذا الزمن تالي

    حتما إنهم لا يفتقدون جدران الطين ودورهم القديمة وإلا كان الأمر أسهل وأبسط إذ يمكننا استعادتها من خلال تشييدها والترميم، ولكنها في نظرهم رمز لما كان فيها ومن عاش معهم في الماضي، وما فقد من حياة يحبونها للسبب المقنع من خلال أخلاق من سكنها وترابطهم

    أما الحاضر فقد بدأ غريبا في مقدمه يحمل الكثير من المفاجآت، وبلا رصيد تاريخي يرتكز ويستند عليه ويتكئ، وهذا مهم جدا فمثل هذا الرصيد والمرتكز لا غنى عنه للقبول والترحيب، لهذا صار الحاضر غريب المكونات.

    كما جلب معه عناصر عديدة غريبة وافدة على البيئة الاجتماعية، وحمل عادات وتقاليد تتصادم أحيانا مع المألوف سابقاً وقد لا تقبل بسهولة ولم يقدم بالتدريج البطيء بل تتابعت المتغيرات فيه إلى حد الصدام مع الكثير من الثوابت الاجتماعية والدينية والأعراف وغيرها، حتى بدا هذا الحاضر معاديا أحياناً، واستحالت معه البساطة لأنه يفتقد مقوماتها ويحاربها وتتصادم معه، فهو واقع ليس بسيطا ولا يستوعبها، وغابت جسور التواصل بينه وبين الأمس فلا رابط بينها.

    اختلفت الجيرة والتعارف واختفت سمات التواصل ودواعيها وبدأ الشعور بالاستغناء في أوساط الأسر وبين الأفراد وحلت الريبة والتقاطع والجفوة، ليس على وجه العموم فالتعميم غير مقبول، ولكن الغالبية اندرجت تحت هكذا وضع للأسف.

    ولهذا فالحنين الذي يتردد في القصائد ليس لماديات الأمس وإن كان عشاق الماضي يقفون طويلا على الأطلال، ويرممون الدور والأبراج والأسوار، ويعيدون عمارتها وينهضونها بعد الهدم والانهيار، ويستنشقون رائحة الأهل والأجداد في ممراتها وزواياها والأركان والسقوف وبقية من طين وحجارة، كل ذلك لا يعدو أن يكون في اعتبارهم رمزاً يذكرهم بما جرى فيها وما كان من المبادئ وذكرى العلاقات وحياة الناس التي إن غابت عن عيون الجيل الحالي فهي ذات صور مرسومة في مخيلة من عاش أيامها حتى إن الأصوات تتردد على مسامعهم لا تزال، وعوامل التعرية لم تستطع المساس بأحاسيسهم وشعورهم أو تحولها إلى أرشيف النسيان.


    يقول الشاعر عبد الله العمار في قصيدة حول أطلال الديار ومبان هجرها أصحابها وتركت للصمت بعد أن تشبعت بالذكريات:

    يشوق العين شوف اللي بقى من شامخ الاطلال

    والاقي في سككها كل ذكرى عشقها غالي

    أسوق اقدام شوقي للبيوت وخاطري مازال

    يعيش بشوفهن ذكرى طفولة تحفظ آمالي
    عزيزة يا بيوت الطين لك وسط الحشا منزال
    امرك واترك دموع الغلا تحكي لك احوالي

    اجي لك كل ما جا للحزن في داخلي مدهال
    واجي لك كل مافاض الحنين لشوف مدهالي

    أروح البير لين اني اوقف عند حد الجال
    واطل بوسطه ودمعي تناثر فيه من عالي

    وامر السكة اللي في وسطها حفرة المصقال

    وانا اغلى شي ملكته وقتها هو كسب مصقالي

    فقدت بها رفيقاً لا لقيته قال كيف الحال

    رفيقاً وافي وطيّب ولا قد غاب عن بالي

    واجي عند الشعيب اللي يمر بديرتي لا سال

    هنا ذكرى وقوفي في وسطه وسيله قبالي

    واروح لبيت عمّي وان طلعت امر بيت الخال

    واروح لجدتي واطلع وفي مخباتي ريالي

    اطير بفرحتي وللي سالني قلت معي ريال

    واروح اشري من الدكان توت مثلج وحال

    واروح لبيت جيراني وادوّر وينه المدخال
    انا اذكر يوم انا صغيّر نسيت بوسطه نعالي

    هنا اذكر معاليق السراج وحوله المنخال

    وهناك الدله اللي عندها مكسور فنجالي
    وهنا فراش الحصير اللي جلس به مستريح البال

    ينام وما بقلبه شي للأول ولا التالي
    كفايه، بطلع من البيت يوم انه بدا ينهال

    مع اني صرت احس ان التراب دموع تنهالي

    عسى الله يرحم اللي مات منهم طيبين الفال
    ويجمعنا معاهم في وسط جنات وظلالي

    تمر سنين من عمري واردد للملا موال

    ترى اللي ماله أول ماله بهذا الزمن تالي

    فالشاعر في قصيدته يعيش الماضي بكل تفاصيله بدءا من طفولته، وتصوير القرية وبيوتها وطرقات شهدت بعضا من حياته وشهد هو بساطة المجتمع فيها، استطاع أن يقدم تلك الصورة الفنية بشكل يجبرنا على أن نحس رغم البعد بحنين ماضيه وحنين مجتمعه وهدوء بيئته وقربها من ملاءمة رغبة ساكنيها.

    وهذا شاعر آخر يبوح بشعوره ناحية الأطلال قائلا بأنها ليس هي ما يجذبنا بل إنه ساكنها ومن عاش معنا في دورها فيقول:

    ما للبيوت العامرة طعْم يا حمود * إذا خلَت في يوم من حسّ شايب

    بيبــانها طــرْم وجـدرانها سُــود * ويصفــق نـوافذها قـويّ الهبايب

    في كل ركن لحزنها اثبات وشهود * عـلى فراق مهَوِّنين الصعـايب

    ويقول الشاعر فرحان العنزي:

    لله يـا أيـام مـضـت لو تـعــوديـن * نفسي تبيها والليال تـعـصـاها

    قارنتها بالوقـت الأول وذالـحـين * وحـنت لها روحٍ تـزايد عـنـاها

    رسمتها من عام خمس وثمانين * راحت سنين وخاطري ماسلاها

    الله عـلى بــيتٍ لنا خـابـره طــين * في حارةٍ مادنس الغــدر مــاها

    الله عــلى ذيك الغـرف والليـاوين * محـلى بـرودتها ومحلى دفاها

    لاجا المطر نرقى على السطح عجلين * نفتح مرازيم الغرف ونتباها

    الله على جيران ابــوي القديـمـين * ذيك الوجيه اللي كثير حلاها

    الله على جيران ابوي العزيزين * اللي على الصاحب قليلٍ جفاها

    نياتهم حـلـوة وللجـار حـلـوين * تعتز حرمة جارهم بـقـصـراها

    الله على صدقان ابوي الوفيين * أصحاب شدات الزمان ورخاها

    الله على صدقان ابوي الحبيبين * لاشافوا الخملة حديهم رفاها

    اهم على زلات الأصحاب شفقـين * لياجتهم العوجا تبين قـداها

    هاك الوجيه الطاهـرين النقيـين * لودارها درب الردى مالـقـاها

    مافيه أمل ترجع هذيك الدياوين * وهاك الرجال اللي كرام لحاها؟

    حتى قال

    واليوم ياوقتي تبيبي اليا وين * ادخـلـتــني غـبـات بحـرٍ تــطـاها

    رجعتني لوجيه ناس غريبين * ناسٍ تزوك انفـوسها من عــياها

    فيهم قليل من الرجال المسمين * اللي تزبن بالـوزى من نـخـاها

    وفيهم كثير من الرجال المساكين * لوهي رجال مسنعتها نساها

    رجالهم لوله من الوزن طنين * ريشة هـوى يلعب بها من لقاها

    ياشفتهم تقول وش ها البعارين * لاشك عند الحمل تسمع رغاها

    وجل القصائد بما أنها من شعراء لهم في الماضي صولة وجولة وعاشوا عمراً في ذاك الزمان ألفوه، جاءت تعبيراتهم تترجم أحاسيس وشعورا متعلقا بالأمس تحن إليه وتريده، وتأنس بكل ذكرى حوله، تنطلق فكرتهم من الأمس وتعود إليه وقد برعوا في اختيار الصور الفنية وسبك قصائدهم و معانيها وضمنوها كل ما يقنعنا بأن الماضي جميل من جمال أهله وبساطتهم واتجاههم ناحية حب الفضائل والتكاتف وتقدير بعضهم و المحافظة على الفضيلة وقناعتهم باليسير من العيش واهتمامهم ببعضهم أكثر من المصالح.

  11. #56

    Exclamation

    حصان إبليس» ... هل سمعتم بهااا أم لا .. ؟؟؟





    رفض المجتمع في فترة من الفترات الكثير من مظاهر التطوير بل وصل به الامر الى التحريم المطلق تجاه الراديو والبرقية والتعليم الحديث والصابون ولبس الغترة البيضاء، وصناعات مماثلة اعتبرت عند البعض بدعاً مع بداية ظهورها حتى طالت حالة التوجس تلك السيارة والدراجة الهوائية «السيكل» في بعض مدن وقرى نجد، عندما أطلقوا عليه أي السيكل «حصان إبليس» وكان يعتقد بعضهم انه يدفع بواسطة شياطين الجن الذين «يتحالفون» مع سائقه حتى يثبتوه على ظهره أثناء سيره مقابل تنازلات ومعاهدات عقائدية، وشروط تمليها تلك الشياطين قبل خدمته، بل انه هو شيطان مخلوق من عظام ، الأمر الذي جعلهم يتعوذون بالله منه سبع مرات، ويأمرون نساءهم بتغطية وجوههن عنه، وإذا لامس شيئاً من أجسادهم أعادوا الوضوء إن كانوا على طهارة، ويقفزون اثره إذا ما وجدوها أمامهم على الأرض بعد أن يبصقوا عليها، ودخل عند بعضهم ضمن المحذورات التي لا تقبل شهادة مرتكبها!.
    وقرنوا استخدام «السيكل» في ذلك الوقت واقتنائه بالفساد والفسوق، واعتبروه من الملاهي والبدع التي تشغل الناس عن الصلاة بالمسجد وأداء العبادات والعمل الصالح، كما اعتبروا سائقه ومقتنيه عنصر فساد في المجتمع، وخطراً يهدد بنشر الرذيلة وشرب «التتن»، والاستدراج المشبوه، وأضيف لمصطلح الشتيمة التي يوصم بها هؤلاء اسم السيكل لتكون هكذا: «شرابة التتن مطردة الدجاج ركابة السياكل»،

    أما الذين قبلوا به بعد ذلك كشر لا بد منه فقد تعاملوا معه بحذر واستحياء، وقصروا استعماله على البالغين بشروط صارمة وثَّقتها نماذج من رخص السير الرسمية التي كانت تصدر حينذاك عن طريق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «النواب» في بعض المدن في السبعينيات الهجرية، والتي لا تعطى إلاّ بعد أن يقدم شهادة تزكية واستقامة من إمام وجماعة المسجد، على أن يقتصر استخدامه في ساعات النهار فقط، وأن لا يحمل عليه شخص آخر -في إشارة إلى صغار السن-، وفرضوا عليه ضريبة سير في بعض مدن نجد وكانت عقوبة من يستخدمه دون رخصة الجلد ومصادرة السيكل.



    ترخيص هيئة الأمر بالمعروف
    كانت تلك الرخصة تصدر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما في النموذج الآتي:
    صدر السماح (لفلان الفلاني) باستعمال السيكل لظروفه إلى ذلك من بيته إلى الدكان وما عدى ذلك لا يكون له رخصة إلا بشغل لوالده بشروط أن لا يخرج عليه (بالليل) ولا خلف (البلاد) ولا يردف (يركب) عليه أحد ولا يؤجره ولا يدخل عليه وسط الأسواق.
    ولكن في بعض المدن مثل الرياض وجدة كانت تصدر من المرور (قلم المرور) بشروط أخف، ويلزم اعتمادها وتوقيعها من أعلى سلطة عسكرية وهو مدير الأمن العام.


    تأجير البسكليتات

    لكن عندما بدأ الناس في التخلص من بعض القناعات المتشددة الناتجة عن قلة الوعي وبساطة التعليم ؛ انتشر استخدام الدراجة في المدن والقرى كوسيلة من وسائل المواصلات المهمة والسريعة وبديلة في بعض الأحيان عن الجمل والحمار، فاستخدمت في نقل وإحضار الاحتياجات المنزلية واستخدمها موظفو البريد رسمياً في إيصال وتوزيع الرسائل البريدية، واستخدم أيضاً في نقل البضائع الخفيفة والمنتجات الزراعية للاسواق، وفي التنقلات إلى مكان العمل، وفي بعض مدن رئيسة كان يستخدم «أجرة» في حمل الركاب وتنقلاتهم السريعة،
    وعرف داخلها ساحات مواقف «استيشن بسكليتات»
    يتوجه إليها طالب الخدمة ومع ذلك بقيت
    ترسبات نظرة الماضي مصاحبة لاستخدامه
    واقتنائه ربما إلى عهد قريب .

  12. #57
    مشاركة رائعة كـ روعتك سما نجد

  13. #58
    الماضي كان جميل لكنّه مضى ..

  14. #59
    مِن أجل الجنّة ، كن مِن المُستغفرين ..

    استغفر الله العظيم و آتوبَ إليه.."

  15. #60
    بقالة قديمة شوفوا الدعايات زمان





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •