10 أساطير حول اضطراب طيف التوحد
إنه “التوحد ” يا سادة الشبح الغامض الذي يطارد قلوب معظم الأمهات و الآباء الآن .. فبالرغم من زيادة الوعي والأبحاث والتعريفات الأكثر بمفهوم التوحد
إلا أن لا يزال هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة والأساطير المسيئة والمضللة حول “التوحد” وذوي إضطراب طيف التوحد” .
اضطراب طيف التوحد – يشار إليه غالبًا باسم “التوحد” وإختصارا ASD – ، وغالبًا ما يتم تشخيص ذلك الاضطراب عند مرحلة الطفولة ، إلا أنه يمكن تشخيصه في بعض الأحيان عند البلوغ ..
و يسمي بطيف التوحد نظرًا لحقيقة أنه لا يوجد شخصان مصابان بالتوحد متماثلان ، حيث أن حدة و الأعراض و سمات التوحد تختلف من شخص لآخر .
في هذا المقال نسعي لنشر الوعي و رفع الوصمة عن اضطراب طيف التوحد ، أملا في زيادة عدد الأشخاص الذين يفهمون عن حقيقة التوحد ، و بالتالي تحطيم عدد أكبر من الأساطير حول ذلك الاضطراب الأكثر غموضا .
تبديد بعض الخرافات حول التوحد
الخرافة الأولى: التوحد مرض
إذا كان هناك شيء واحد مؤكد حول التوحد فهو:
أن التوحد ليس مرضًا يصاب به الفرد، وحتي الآن لم تظهر الدراسات أي علاج أو دواء للتوحد . فالتوحد هو أحد اضطرابات النمو العصبيية ،و ربما ترجع أسبابه، للعوامل البيئية و الوراثية.
الخرافة الثانية – بعض اللقاحات تسبب التوحد
انتشرت تلك الأسطورة على مدى العقود القليلة الماضية على الرغم من عدم وجود أي دليل علمي دقيق لها .في الواقع لا وجود لأي صلة بين اللقاحات والتوحد.
الخرافة الثالثة – التوحد وباءً وتفشي
في حين أن هذه الأسطورة مضللة وغير صحيحة ، إلا أنه مفهومة سبب شيوعها ،فإن عدد الأشخاص ذوي إضطراب طيف التوحد قد إزداد بالفعل خلال العقدين أو الثلاثة عقود الماضية. ولكن بخلاف الأسطورة ،فإن تلك الزيادة لها أسباب منطقية ، فما هي إلا إنعكاس للوعي المتزايد ، و الأبحاث المتطورة التي أهتمت بدراسة اضطراب طيف التوحد.
و بالتالي قد حظي العديد من الأشخاص -الذين ربما لم يتم تشخيصهم سابقًا -على فرصة أكبر لتشخيصهم ،ومن ثم تلقي الدعم اللازم
بدلا من معاملتهم علي أنهم ملبوسون من قبل أرواح شريرة , أو محرجون اجتماعيًا، أو انطوائيين ، أو غيرها من التشخيصات الغير علمية و المضللة .
الأسطورة الرابعة : جميع الأشخاص التوحديون من العباقرة
هناك اعتقاد خاطئ شائع آخر بين الأساطير حول التوحد- و لا يقل تضليلا عن أشباهه بالرغم من رومانسيته و هو تعميم النبوغ بشتي أنواعه علي جميع الأشخاص المصابين بالتوحد ، و هناك من يربط ذلك الأمر بمتلازمة العباقرة ( Savant syndrome) وهي عبارة حالة نادرة جدًا يظهر فيها الأشخاص من ذوي الاضرابات النمائية قدرات عقلية استثنائية ( متعلقة بالذاكرة أو الفنون أو الموسيقى أو الحساب السريع).
الحقيقة وراء ذلك أن وجود متلازمة العباقرة ليس خرافة،بالعكس و إنما المضلل في تلك الأسطورة هو تعميم الخاص .فوفقا للدراسات العلمية ، لا يظهر أكثر من 1 من كل 10 (أو 10٪) من المصابين بالتوحد مستوى متقدمًا من مهارة معينة, وربما كان المحرك الرئيسي لتلك الخرافة هو ترويج وسائل الإعلام المختلفة ، و الأعمال الدرامية لها مثل فيلم Rain Man.
و لكن الأمر الذي قد يبدو مفهوما بشأن تلك الأسطورة ،أنه غالبًا ما يُظهر الأفراد المصابون بالتوحد اهتمامًا محددًا ومركّزًا للغاية في موضوع أو مهارة فردية معينة ،مع استبعاد كل شي آخر.هذا يعني أنه بالإهتمام بالأمر و التدريب قد يكون لديهم مستوى أعلى من المتوسط من المعرفة حول موضوع أو مهارة معينة بسبب اهتمامهم الشديد بالموضوع.
الخرافة الخامسة – التوحديون بلا عواطف
هذه واحدة من أقسي الأساطير … سبب شيوع تلك الأسطورة هي حقيقة أن اضطراب التوحد قد يؤثر على قدرة الفرد على التفاعل الاجتماعي ، فغالبًا ما يُساء تفسير ذلك على أنه تعبير عن عدم الاهتمام أو عدم القدرة على تكوين العلاقات و الروابط مع الآخرين .
و لكن ذلك لا يعني أن ليس لديهم مشاعر ،علي العكس يمكن للأشخاص ذوي إضطراب طيف التوحد أيضًا أن يقوموا بتفسير مشاعر الآخرين وفهم لغة الجسد و العمل علي ذلك بشكل أكبر من خلال تنمية المهارات ، و لكنهم يعبرون عن مشاعرهم بطريقتهم الفريدة و الخاصة بكل شخص علي حدا .
الخرافة السادسة : السبب الرئيسي للتوحد هو الإهمال الوالدي
الحقيقة أنه في الخمسينيات من القرن الماضي ، كان هناك افتراض بأن التوحد ناتج عن برود و إهمال الوالدين خاصة الأمهات “refrigerator mother” ، و بالرغم من أن ذلك يؤثر تأثيرا شديدا علي الأطفال إلا أنه وفقا للدراسات ، أن أسلوب الرعاية الوالدية ليس سببا للإصابة بالتوحد .
الخرافة السابعة : الأشخاص ذوي إضطراب طيف التوحد عنيفون و خطرون .
الحقيقة: أحيانا يظهر بعض الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد أحد مظاهر العنف،نتيجة الحمل الحسي الزائد أوالمرور بتوتر عاطفي – مثل أي شخص آخر ، ولكنه ليس الشائع ولا المعتاد .و مع ذلك حتي في تلك الحالات ينجح العلاج السلوكي المكثف – في الغالب – من تقليل شدة الأعراض ومساعدة الأفراد على تطوير مهارات التكيف الاجتماعي و تنظيم المشاعر و تعديل السلوك..(و لكن الكثير من الناس يفضلون نشر تلك الفكرة لتجنب فكرة الدمج لأن ذلك مريح أكثر فبعض الناس يفضلون الإقصاء بدلا من التعلم و التآلف )
الخرافة الثامنة : جميع الأشخاص ذوي إضطراب طيف التوحد لا يحتملوا التلامس الجسدي
الحقيقة: يمكن أن يكون هذا صحيحًا بالنسبة لبعض الأشخاص الذين لديهم حساسية حسية عالية بينما يستمتع العديد من الأشخاص ذوي التوحد بالعناق والتدليك الخفيف وأشكال أخرى من التلامس الجسدي .
الخرافة التاسعة – التوحديون غير قابلون للتعلم
تلك الأسطورة تعد المرآة القبيحة لأسطورة متلازمة العباقرة ،فكلاهما مضلل و لا يمت للواقع بصلة ، حيث أن التوحد كما سبق و ذكرنا عبارة عن طيف ، وأن قدرة التعلم لدى كل شخص مختلفة عن الآخر .
يمكن بالتدخل المبكر و عبر برامج تنمية المهارات مساعدة التوحديون الذين يعانون من صعوبات في التعلم على التحسين والتقدم بالسرعةو الإسلوب الخاص بهم.
فقد يتطلب تعليم شخص مصاب بالتوحد فهم احتياجاته وقدراته وأسلوب التعلم الخاص به . قد يحتاج بعض الأفراد المصابون بالتوحد إلى مزيد من الفهم وتكييف الأساليب التعليمية ، كما قد يحتاج آخرون من ذوي التوحد فهما و إهتماما أقل لتحقيق نفس المستوى من التعلم
الخرافة العاشرة : التوحد قابل للشفاء
التوحد ليس مرض كما سبق و ذكرنا و بالتالي فلا يوجد “علاج جذري” أو” دواء سحري ” للتوحد سواء من خلال العلاج أو الدواء (انظر الأسطورة 1). كما نواصل التأكيد على أن التوحد هو طيف وليس فقط الأشخاص ذوي إضطراب طيف التوحد يتأثرون جميعًا بطرق مختلفة ، ولكن مستوى تأثير ونوع سمات التوحد يمكن أن يتغير ويتطورعبر مراحل حياة الفرد المختلفة. بالطبع ، يمكن أن يساعد كلا من العلاجات وطرق التدخل المناسبة في تطوير مهارات التواصل / الاجتماعية ،لتحسين حياتهم اليومية بشكل عام.
كلمة أخيرة :
رجاء لا تتوقف عن نشر الوعي حول اضطراب طيف التوحد!
يحق للأشخاص التوحديون الحصول على الصبر والتفاهم والدعم الذي يستحقونه ، وإذا أدركنا جميعًا الحاجة إلى عدم التوقف
عن التعلم ونشر الوعي في فهمنا لحقيقة التوحد ، فسنكون جميعًا أفضل حالًا.
إيناس طه البداوي
باحثة ماجستير إرشاد نفسي