السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسمو النفس البشرية بأخلاقها وحسن سريرتها وتهافت الناس عليها من خلال الكلمة الطيبة والقول اللين الذي يقرب قلوب المؤمنين، فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة، اتباعاً لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب، لاسيما إذا كان ممن يتصدى لدعوة الناس إلى الحق فإنه مضطر إلى استشعار اللين والرفق كما قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فُصِّلت: 34]. ولقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشيراً لأتباعه، نذيراً لأعدائه، بل كانت مهمة الرسل لا تعدو هذين الوصفين: {وَمَا نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الأنعام: 48]، وقد أمر الله في كتابه بتبشير المؤمنين والصابرين والمحسنين والمخبتين في آيات كثيرة. وأمر سيد الدعاة عليه الصلاة والسلام بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن يقول ربّ العزة سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]. فقد بينت الآية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن بعده من المؤمنين أن منهج الدعوة إلى الإسلام قائم على هذه الأُسس الثلاثة: الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن .