جاء الجاهليون يركضون، تغمرهم الفرحة، ويؤزهم الحبور، جاءوا لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بخبرٍ؛ ربما يغير مساره ويرده للصواب- صوابهم- حسب ما زعموا.
جاءوا إلى الصديق - رضي الله عنه- صبيحة يوم الإسراء؛ ليخبروه أن صاحبه- صلى الله عليه وسلم- يزعم أنه أسري به من مكة إلى بيت المقدس ثم عاد في ذات الليلة، وهم الذين يضربون إليها أكباد الإبل شهرًا ذهابًا، وشهرًا إيابًا.
هم يعرفون ما يتمتع به أبي بكر الصديق رضي الله عنه من رجاحة عقلٍ، وقوّة فهم؛ ولذلك جاءوا إليه يلهثون، وكان ظنهم أنه سيكذِّب صاحبه أو يشكك حتى في نسبة الكلام إليه؛ لكن الإجابة جاءت على غير ما توقعوه، وجاءهم بها ناصعة قوية يحملها التاريخ لكل من يأتي بعده من المؤمنين؛ لتكون لهم قاعدة وأصلًا (( إن كان قال فقد صدق))؛ إجابة كالصاعقة شلت تفكيرهم، ونكّست رؤوسهم؛ فليس المهم ما قال، ولكن المهم أنه قال؛ لأن كلامه صدق وحق ووحي، فهو الصادق الذي لا يكذب، والمصدّق الذي لا يكذَّب.
فلا دور للعقل هنا إلا التسليم والإنقياد، ولا يهم الإستيعاب للنص، أو الإستساغة.
الفيصل في كل ذلك هو (( إن كان قال فقد صدق)).
هذا هو شأن المؤمنين الصادقين كما قال الشافعي رحمه الله تعالى (( آمنا بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله، وآمنا برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
بقلمي
محبكم أبو باسم.