بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله سبحانه وأشكره حمدًا وشكرا يليق بجلاله والشكر هو عرفان النعمة من المنعم، وحمده عليها، واستعمالها في مرضاته من صفات الكمال، وسمات الطِّيبَة والنبل، وموجبات ازدياد النِّعم واستدامتها.
كتب حبيبنا أبو محمد الأسلمي في المتابعة اليوم الأحد كلاما لطيفا معاتبا فيه أحد الأعضاء ممن يتأفف ويسيء الظن بمن أوصى بأسهم ولم ترتفع إلى أهدافها العليا التي ذكرت ثم تراجعت ، وكل يوم يكتب ويندب حظه مما يوحي بأنه يتهم من وجهه بأنه أدخله دروب الخسارة وفوات الفرص، ولقد جاءت مشاركات من عدد من الأخوة والأخوات موجهة لأبي محمد الأسلمي بالشكر له ، وتوصيه بالصبر على مثل هؤلاء ، ولأني أعرف أبامحمد صابر محتسب فقد فهمت أنه يرغب إيصال رسالة لنا لنخاطب تلك الفئة ممن يكثرون عليه وعلى غيره من الكتاب المعاتبة والتأفف الممزوج بعبارات توحي بسوء الظن. ووالله إني لا أعرف الشخص المقصود بكلامه ولكنني قررت أن أكتب هذا الكلام لعموم من لا يشكر من أسدى إليه معروفا.
مع أن كل من أوضح نقاط سهم من كتاب المنتدى يعطي نقاط سير السهم وأنه يجب المحافظة على الأرباح برفع الوقف وتفعيله عند الكسر.
ولهذا فإني أقول لكل من تقصر همته عن الشكر ، أو من ينزغ الشيطان بينه وبين إخوانه ويرمي بقلبه سوء الظن ، اتقوا الله واعدلوا واشكروا نعم الله عليكم فالشكر واجب مقدس للمنعم من الخلق ، وهو مرتبط بشكر الله تعالى ، ومن نعم الله تعالى على العبد نِعمٌ يسوقها له بواسطة عباده ، كما أجرى إِحسانه تعالى إلينا على يد رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكما ساق خيره لنا بواسطة والدَيْنَا ومن علمونا الخير.
وقال العلامة الخطابي رحمه الله تعالى، شارحاً لحديث ( من لا يشكر الناس لايشكر الله ) فيقول: (هذا الكلام يتأول على وجهين: أحدهما: أن مَنْ كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس، وتركُ الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله وتركُ الشكر له سبحانه. الوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس، ويكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالآخر) إنتهى.
فأيسر الشكرين شكر العباد، فمَنْ ضيَّع شكر العباد، كان لشكر الله عز وجل أضيع. ولا شك أن الحياة قائمة على الأخذ والعطاء، فكما نأخذ لابد وأن نعطي، وكما نعطي لابد وأن نأخذ، ليتخلل ذلك الشكر ، فنحن وحين نأخذ لابد وأن (نَشكُر)، وحين نعطي فلاشك أننا سـوف (نُشكر)، وما أجمل الشكر الذي يعبر عن مدى امتناننا للمشكور ويعزز رغبتنا بامتداد احسانه، فللشكر قيمة تسحر النفوس وتذيب ما يتعلق بالأنفس من منغصات حياتنا اليومية فهو قيمة تبث في نفس الشاكر والمشكور رسائل حب ووفاء. كما أن لسوء الظن مفاسد وورد في الحديث ( إياكم والظن فإنه أكذب الحديث) قال الصنعاني: المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظنَّ) سوء الظنِّ به تعالى، وبكلِّ من ظاهره العدالة من المسلمين وقوله: (فإن الظن أكذب الحديث). سماه حديثًا؛ لأنَّه حديث النفس، وإنما كان الظنُّ أكذب الحديث؛ لأنَّ الكذب مخالفة الواقع من غير استناد إلى أمارة، وقبحه ظاهر لا يحتاج إلى إظهاره).
وأخيرا أقول إن هؤلاء الرجال الذين نذروا أوقاتهم وفكرهم لخدمة إخوانهم وبدون مقابل إلا الدعاء نعمة من الله علينا يحتاجون إلى الشكر الذي يرفع معنوياتهم والدعاء لهم بظهر الغيب ، ومن المعلوم أن النعم إذا شكرت قرت وزادت، وإذا كفرت فرت وزالت ، وأول من سيندم على فقد هؤلاء ذلك المقصر في الشكر المسيء الظن.
تحياتي للجميع
وأعتذر عن الإطالة