السؤال الصعب والاجابة الأكثر صعوبة
متى يجب أن أشتري ومتى يجب أن أبيع ؟
أحبابي الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا هو السؤال الذي نواجهه دائما في سوق الأسهم ، والذي لم ينجح أحد في تقديم الإجابة المثالية عليه، على فرض وجود إجابة مثالية. ربما يرجع السبب في ذلك لوجود الخوف والطمع في النفس الإنسانية واختلاف قوة هذين العنصرين من شخص لآخر ، فالعواطف تحرمنا كثيرا من المرات من الفرص التي تسنح لنا ، ومن يستطيع أن يقف ضدها فسوف تتحسن قدراته على اتخاذ القرار بشأن البيع أو الشراء بشكل جيد.
تقرأ توصية أو تسمع حديثاً يدور في مجلس حول سهم إحدى الشركات في السوق ، وأن لها مستقبلاً وقفزات قادمة فيشد ذلك ذهنك ويدفعك إلى تتبع هذا السهم عن قرب، ومتابعة أخباره لمعرفة آخر التطورات بشأنه فتصل إلى أن أداء هذه الشركة في سوق الأسهم جيد بالفعل. ففي البداية تلاحظ استقرار سعر سهمها ، وذلك قبل أن يرتفع ليصل إلى +3% كل هذا وأنت لا تزال متفرجاً من بعيد.
وبينما أنت على هذه الحال تقوم بشكل تلقائي بإجراء عملية حسابية بسيطة في ذهنك تدرك خلالها أنك لو كنت دخلت بمبلغ كذا قبل عدة أيام لأصبحت قيمته الآن كذا وكذا ، أي أنك فوَّت فرصة كسب ربح قدره 3% أو أكثر ، لتعض أصابعك وتلوم نفسك على تفويت تلك الفرصة ثم تقول "إذا تراجع سعره قليلاً سأشتري كذا سهم فوراً. وتستمر في مراقبة السهم باهتمام أكبر، ليتراجع سعره في اليوم التالي بالفعل بمقدار ريال واحد ليستجد سؤال : هل يجب أن أشتريه الآن؟ هكذا تسأل نفسك.
تتراجع في اللحظة الأخيرة وتحجم عن شراء السهم مفضلاً الانتظار قليلاً، على أساس أن سعره كان منخفضا قبل نحو أسبوع. ولسوء حظك يعود السهم في الأيام التالية ليرتفع مجدداً ويصل سعره إلى 10% بينما أنت تضرب بإحدى يديك على رأسك وتمتليء نفسك بالغضب لتفويتك الفرصة للمرة الثانية ، والسهم لا زال يرتفع ليحقق 30% ثم 50 وربما 100% نتيجة صدور إعلان من الشركة وأخبار سارة عن السهم ليبدأ التطبيل المصاحب للتصريف. وهنا تكون فاتتك الفرصة بسبب سلبيتك والسير وراء العاطفة والطمع ، أما مصيبتك الأكبر فهي لو قررت باندفاع غير معقول لشتري في القمة بعد أن تحرك السهم كذا نسبة أو دبّل ، ثم تراجع بشكل متسارع لتجد نفسك قد تعلقت بأطرافك الأربعة حيث عاد السهم أدراجه لتبدأ مرحلة تجميع قد تكون بالأشهر الكثيرة ليرجع قريبا من مشتراك. فالطمع الذي منعك من الشراء في البداية لمجرد الحصول على هلالات بانتظار انخفاضه ، هو أخو الطمع الذي قادك للشراء في القمة.
فلو تخليت عن سلبيتك واشتريت هذا السهم من البداية ونفذ لك لكان هذا هو السعر السوقي الصحيح للسهم لحظتها ولكنك كنت منشغلا بحساب المكسب لو اشتريت بسعر أقل وطوال الفترة الماضية جلست تتابع سعر السهم بانتظار انخفاضه وأنت راغب في شرائه مما قادك إلى اتخاذك قرار الشراء الخاطيء في القمة.
هنا وبعد تراجع السهم من القمة وقد تعلقت فيه يكون لديك حيرة ، ويتجدد السؤال: متى أبيع؟
الآن أنت خاسر لجزء من رأس المال ، فأنت غريق يريد التعلق بقشة ، تائه بين عدة أسئلة: أبيع بخسارة وأدخل سهما آخر للتعويض ، أو أنتظر ليعود السهم لقمته وأسترد رأس مالي ، أو أدخل في دوامة التعديل ، وأخيرا لنفترض أنك قررت الانتظار لعودة رأس المال وأخذت على نفسك عهدا بذلك ، فإذا وصل رأس مالك سيطر عليك الطمع من جديد بأمل تحقيق أرباح ونقضت العهد ، لتنتظر وهم الأرباح فيعود السهم للهبوط لتعود اليك الدوامة. وهكذا تظل جالساً بجوار السهم لأشهر عديدة لا تملك خلالها سوى الأمل بأن يرتد السهم قليلاً إلى الأعلى لتخف الخسارة فتبيع ، وقد توفق بتخفيف الخسارة أو تحبط بتردي السهم بسبب أخبار سيئة على الشركة أونشاطها أو على السوق عموما فتجدك تسارع كسرعات دقات قلبك إلى التخلص من السهم ، قاطعا العهود بعدم التصرف بمثل هذه الحالة ، لنجدك مستقبلا عدت إلى سيرتك الأولى.
وقد تكون بسبب الهلع والتصرف الغير منضبط بعت سهمك في قاع وهو بجميع المقاييس وبسبب انحسار موجة البيع عليه أصبح لديه فرصة للصعود أعلى بكثير من امكانية الهبوط ، وبمتابعتك له بعد بيعك ستجده يتعافى تدريجيا لتبدأ مرحلة جديدة من التجميع أو التحرك ولو ببطء إلى الأعلى بعد صحوته من التشبع البيعي.
إن ما وددت التنبيه عليه هو أنك كنت سجين الطمع والهلع والتي تكثر مع قليلي الخبرة في السوق ، ولهذا لا تطلق العنان لعواطفك.
مما تعلمته من منتدانا المبارك ومن قراءاتي حول فرص السوق هو أن القيعان والقمم فرص ذهبية وهي غالبا نقاط يكون التردد كبيرا عند التصرف بالبيع أو الشراء عندها وهذا التردد هو ما يفوت الفرص سواء للدخول في الوقت المناسب أو الخروج في الوقت المناسب ، ولا شك أن الدخول في القيعان للشركات ذات المردود الجيد يعطي خيرا كثيرا ، والخروج عند القمم يسلم به الشخص من فوات المكاسب أو ازدياد الخسائر ، ولأن الارتداد من كليهما ( كسر أو اختراق ) غالبا يكون سريعا ومفاجئا ( خصوصا عندما يكون التذبذب قويا ) فإنه ينبغي على المضارب خصوصا دقة المتابعة للسهم الذي يتعامل معه ولا يغفل حركة واتجاه المؤشر العام خصوصا في قيعان أو قمم نهايات الأسابيع والأشهر ، لأنه غالبا يكون فيه إعادة ترتيب وتبديل مراكز للمحافظ والصناديق.
والمقصود من كل ذلك محاولة إيجاد إجابة صائبة على السؤال المطروح في بداية الموضوع للوصول إلى قرار صائب للدخول أو الخروج يكون سببا للكسب والابتعاد عن الطمع أو الهلع. ولتجنب الوقوع في هذا الفخ لا بد من المحاولة بقدر الإمكان لاتخاذ القرار على ضوء المنطق وبناء على تحليلات قوية وليس على أساس العواطف. واعلم أن أفضل وقت للشراء هو الوقت الذي يستقر فيه السوق بعد موجة البيوع ، وأن أفضل وقت للبيع هو الذي يتهافت فيه الجميع على الشراء ، هذا في الغالب والله أعلم بالصواب.
أرجو من الكتاب والمحللين الذي لا يألون جهدا في بذل المعروف وإفادة أعضاء المنتدى التعليق على الموضوع والنقد الهادف لمحتواه لتعم الفائدة.
شكرا للجميع
أخوكم أبوعمر