كلاهما صادقمن تفاءل بصعود السوق ومن حذر من نزول السوق في رأيي أن كلاهما على حق لأن ما يراه أيا منهما هو من طبيعة السوق ومن المؤثرات فيه سواء إيجابا أو سلبا وهذه الرؤى تحتم علينا أن نتفاءل بحذر بمعنى أن نكون وسطا في تعاملنا مع السوق.
فمن تفاءل بصعود السوق فهو على حق بحسب ما تعطيه المؤشرات الفنية وارتفاع أسعار النفط ، ومما يدعم ذلك استقرار ونمو الاقتصاد الوطني وقرب انتهاء فترة إعلانات النتائج التي يكون فيها عادة بعض التقلبات السعرية ، حيث تتابعها الصناديق وكبار المستثمرين لزيادة مراكزهم أو تخفيفها، وربما تغييرها وفقا لأرباح وخسائر الشركات. لذلك فمن الطبيعي أن نرى تنقلات السيولة للشركات التي لم تتفاعل سعريا مع صعود أسعار النفط خاصة التي لها علاقة به.
أما بعد النتائج فإن السيولة عادة تنتقل من الشركات القيادية وذات العوائد إلى بقية شركات السوق وخاصة الشركات الخفيفة (شركات المضاربة) ، ويدعم ذلك عدم وجود أزمات قائمة على الساحة تستوجب الحذر.
ومن حَذَّر من السوق فهو على حق بحسب ما يرى من تقلبات الأسعار، ووضع السيولة ، أو وجود أسهم متضخمة ، وكذلك وصول السوق إلى قمم جديدة سواء على مستوى المؤشر أو على مستوى بعض الأسهم وخصوصا القيادية منها ، مما يستوجب الحذر وتوفير سيولة من باب الاحتياط لأي أزمات قد تفاجئ السوق ولا يمكن تداركها ، وإذا سلم السوق من تلك لم يسلم من عبث العابثين ومكر الماكرين الذين يغيرون اتجاه البوصلة يمينا أو شمالا في لحظة بحسب المصالح والأهواء. بل إن ما يدور أحيانا يشبه سير المعارك من خداع والتفاف ، ففي كل يوم يفتتح السوق تكون هناك حرب مالية طاحنة بين المتداولين بجيوش متعددة فمن قروبات إلى هوامير وصناديق لا يقف في طريقها أحد.
إنها حروب مالية فيها جيوش كثيرة قد تتفق وقد تتصارع فيما بينها لتقاسم الكعكة ولو ضد انتظام السوق وضد نظام الهيئة، والضحية هم المحاربين الصغار (مجموعة القطيع أو مع الخيل ياشقراء) الذين لا يوجد بينهم تنسيق، وأكثرهم لا يعرف ماذا يدور في السوق ولا يعرف أبجديات التعامل معه ناهيك عن معرفة إدارة المخاطر، أو القيمة العادلة للسهم الذي يمتلكه أو يريد الدخول فيه ، وفي الغالب هم المستهدفون في هذه الحرب الشرسة التي تستفيد منها النخبة العارفة بالسوق من مضاربين متمكنين وصناديق تتناغم معهم معتمدين على خبراتهم ومن بعض المعلوما ت التي تتسرب حتى ولو بدون قصد لكي ترفع السوق أو السهم أو تهوي به في الحضيض.
أحبابي ما ذكرته ليس دعوة لدخول السوق ولا الخروج منه ولكن محاولة لبسط الأمر الواقع لتوخي الحذر وعدم الطمع الذي يجعل المتداول خائفا وقلقا ، وأدعو إلى التصرف المتوازن بالتخفيف من الأسهم بجني الربح مبكرا ، ولبعض الأسهم المتضخمة بالمحافظة على رأس المال ، وعدم المغامرة بالدخول بكامل السيولة وخاصة في أوقات تأرجح السوق أو تذبذباته الحادة التي ربما نراها في المرحلة المقبلة ، ولكي لا نقع فريسة لنزول تصحيحي يأخذنا على غرة.
وفي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.
بارك الله لكم وحفظكم من كل مكروه.
أخوكم / عطاالله
أبو عمر