وَهْج الانتظار
نرى السوق يرتفع يوما فنبتهج ونقول الحمد لله صبرنا وها هو يتحسن ، ثم ما يلبث أن يعود أدراجه راكضا لتزداد عندنا أيام الانتظار وينتابنا إحساس يذيب الشوق في انتظار المأمول وتعود حليمة إلى عادتها القديمة ‘ حيث نعاود التقلب على وَهْج الانتظار ‘ فيصدق معنا أن نصف الأماني خيال. لست متشائما ولكني أصف ما يحس به الكثير وأعرف معاناة من حولي وأدعوا إلى عدم اليأس والتزام الصبر وصدق التوكل على الله.
صحيح أنّ أصعب الأشياء انتظار حدوث شيء دون أن يحدث ، وعندما يطول الانتظار يشعر الإنسان بالحزن ويبدأ بفقدان الأمل تدريجيًّا، لذا يجب على الإنسان أن يتحلّى بالصبر طول مدة الانتظار وألا يقطع الأمل.
وإذا كان الانتظار مؤلم فإنه أحيانا تكون السعادة في فترة انتظار ما نتوقع أنه سيسعدنا أكثر منها في حال تحققه. فتلك اللحظات من الانتظار التي تسبق أي شيء هي أجمل من الشيء ذاته في حالة لم يحدث ما كنا نتمنى، كما أنه أكثر جمالا إن هو تُوّج بحدوث ما نتمنى أو أجمل منه. وعلى ذلك فيصدق القول بأن الانتظار هو قمة اللذة، وقمة الألم. ذلك هو الانتظار الحلو المرّ ، انتظار شيء جميل يرجى أن يحدث وقد يحدث أو لا يحدث.
وقد يقول أحدنا إن انتظارنا لتحسن السوق بشكل كبير وسريع يشبه انتظارنا المطر أيام الصيف ورغم أن هذا تشاؤم لا داعي له الا أنه يدل على أن هذا الانتظار لم يقرن بالصبر.
صحيح كم هو مقلق الانتظار ، ألستَ تقول ذلك مثلي؟!
ولكن لنسأل أنفسنا لماذا ؟
الجواب بسيط
لأننا أحيانا ننغمس في الانتظار والترقب وتوقع ما ستؤول إليه الأمور دون أن نعمل شيئا إيجابيا، ولهذا فإن مجرد الانتظار قد تتمزق معه النفس ، وقد يموت الأمل مع طول الانتظار إذا كنت تنظر إليه على أنه يشبه الجلوس على صفيح ساخن ، بل إن أحدنا يصيبه هوس في رصد الاحتمالات الكثيرة والعميقة ، لذا فالنصيحة لكل ملهوف أن يعب من قدح الصبر لأننا في زمن غلب عليه أن لا شيء يأتي في موعده ، ففي الصبر المقرون بعمل ما تستطيع عمله لتغيير الواقع الذي أنت فيه يخفف عن نفسك عذاب الانتظار وتنسى الأمر المزعج.
وهكذا يستمر المرء في الانتظار المقرون بالصبر والترقب والتوقع بشكل هاديء لكي يتحول ما ننتظره إلى الأفضل لأنه قادم بإذن الله بصحبة الصبر وحسن الظن بالله.
ورغم أننا غير يائسين فإننا خائفون من المجهول ، خصوصا في عدم تحقق البشائر التي تشد من أزرنا وترفع عنا بعض الهموم ، ولنا عند المصائب ثلاث أثافي تعيننا بعد التوكل على الله: الصبر، والدعاء، وانتظار الفرج.
ولعلي في موضوع قادم أستطيع أن أكتب عن الفرق بين الانتظار والصبر.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وفي رعاية الله
محبكم / أبوعمر