وقد يقول المهاجم إن لم تكن هذه أدلة فماذا تكون ؟ فأقول في الجواب عن هذا السؤال :
كل نظرية تأتي فلابد لأصحابها أن يجيبوا على الإشكالات التي تعترضها ! فإذا أجابوا بإجابة منطقية فليس لأصحاب النظرية الأخرى أن يعيدوا الاعتراض والاشكال ، وتكون هذه النظرية تجاوزت هذه العقبة، ولكن لا يعني تجاوزها لها صحة النظرية ، وهذا اسمه تفسير وليس دليل ، ومن الخطأ أن نطلق على هذا التفسير بأنه دليل !
فكانت النظرية القديمة تقول : بأن الأرض ثابتة والشمس والكواكب وسائر النجوم تدور حولها ، ويُرجعون حصول هذه الظواهر لحركة الشمس حول الأرض ، فعندما جاءت نظرية دوران الأرض كان لا بد على أصحابها أن يجيبوا كيف يحصل الليل والنهار والفصول الأربعة ، ويفسروها بناء على نظريتهم الجديدة !
فأجابوا بأن الليل والنهار نتيجة دوران الأرض حول نفسها، وحصول الفصول الأربعة نتيجة دورانها حول الشمس ، هذه الإجابة منطقية وبالتالي من الصعب الطعن فيها من هذه الناحية ، وكذلك تفسير النظرية القديمة لهذه الظواهر هو تفسير منطقي فمن الصعب الطعن فيها من هذه الناحية !
الخسوف والكسوف كانا يُحسبان بدقة ، ويُنسبان لحركة الشمس والقمر حول الأرض ، وهذا واضح في النقل الأول من كلام شيخ الإسلام الذي ذكرتُه في المشاركة السابقة، أما النظرية الحديثة فهي تحسبهما بدقة وتنسبهما لحركة الأرض والقمر .
وعلى وجه الإجمال في الرد على ما يعتبروه أدلة إليك هذه القاعدة :
كل ما يعتمد على الحسابات هو في الحقيقة راجع لوجود حركة ، ولا خلاف في وجود الحركة، وإنما الخلاف ما لذي يتحرك ؟ فمن يقول بدوران الأرض يُرجع الأمر لحركة الأرض، ومن يقول بثبات الأرض يُرجع الأمر لحركة ما حولها ، فكل الحسابات تكون دقيقة ومنضبطة لأن الحركة من صنع الله العزيز العليم .
وكل ما يكون من الظواهر فهو بحاجة إلى إجابة ، والإجابة ليست دليل صحة وإنما تفسير لهذه الظاهرة بناءً على النظرية المُعتقدة !
نظرية التطور اليوم تجيب عن كثير من الإشكالات التي تعترضها ، وأصحاب النظرية كل ما يجدونه في الأحياء يُرجعونه لهذه النظرية وخصوصًا بعد الـ ( dna ) ولكن إجاباتهم لا تعني صحة النظرية ، ولو نعتبرها أدلة صحة لوقعنا في نفس الخطأ الذي وقع فيه من يعتبر تلك الإجابات أدلة صحة !
فعندما يأتيك من يردد ويبغبغ ، اطلب منه الدليل فإن أتى بدليل صحيح فخذ به، وإن لم يأت بالدليل فلست ملزمًا باتباع قوله !