.
تابع
الآن سينتقل بنا الباحث إلى منعطف آخر خطر على العقيدة، ربما يصل لحد إنكار حقيقة عذاب القبر! وإنكار معاد الأبدان !
قال تعالى : "لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " سورة ــ ق ــ كل موضوعها عن البعث وتقريره وما يحصل بعد الموت .
وهذه الآية جمهور وأئمة المفسرين على أنها بعد الموت ، وصاحبنا يقول بهذا أيضًا ، إلا أنه يرى بأنه يجوز أن تحصل قبل الموت !! متى ؟ أجاب على هذا السؤال بقوله :
( إن البصر الحديد يستيقظ " ينشط " آلاف المرات خلال حياتنا ... بل كلنا قد رأينا من خلال هذا البصر تقريباً كل ليلة الكثير من الأشياء من خلال هذا البصر ) ثم طرح هذا السؤال على نفسه وأردفه بالجواب قال :
( فمتى يستيقظ " ينشط " هذا البصر الحديد ؟ إنه يستيقظ عندما ننام !!! ... لأن النوم هو موت )
فعنده أنك إذا رأيت رؤيا أو حلمًا تكون قد رأيته من خلال البصر الحديد ! فقد قال :
( إن كنت رأيت في أحلامك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو الصحابة ... أو رأيت ملائكة .. أو شياطين .. أو رأيت الجنة أو النار أو يوم القيامة .. أو رأيت شخص تعرفه .. توفي منذ زمن أو أو أو أو إلخ ...فعندها يكون الله قد كشف عن بصرك الغطاء )
وهذا يعني أنه عندما يرى شخص ما ، في منامه أن الكلاب تطارده أو نار ستحرقه، فإنه يكون في حالة خوف ورعب - عذاب - ولكن لا حقيقة لهذا الأمر على أرض الواقع! وهو إنما يرى هذا من خلال البصر الحديد، وهذا ما سيحدث بعد الموت تمامًا فإن العذاب والنعيم لا حقيقة له فهو مجرد خيالات تعذب أو تنعم ذاك الشخص ! < على حسب كلامه طبعاً >
ولا أدري هل يرى العذاب أو النعيم يقع على الجسد أم لا ؟ فقد قال : ( الإنسان حين حياته مكّون من جسد وروح وبصر مغطى عليه ... وعندما يموت يتبقى لديه روح وبصر حديد يبتع الروح ) .
فهذا البصر الحديد هو الذي سيرى العذاب أو النعيم وهو الذي سيرى هول الموقف والصراط وغير ذلك من أمور الآخرة ، فهل سيكون الجسد موجودًا ؟ أم أنه ينكر معاد الأبدان مثل بعض الفلاسفة الملاحدة ؟
إذًا هو يرى أن ما سيكون بعد الموت هو من قبيل الرؤى والأحلام ، قارنوا الآن :
قوله : ( لاحظوا أن البصر الحديد ينشط بعد موت صاحبه ... أي أن البصر الحديد موجود لدى كل شخص منا منذ أن يولد . لكنه يعتبر نائم ولا يستيقظ إلا عند خروج الروح إلى بارئها . )
بقوله : ( يستيقظ ( أي البصر الحديد ) عندما ننام !!! ... لأن النوم هو موت )
وبقوله : ( البصر الحديد ينام عندما نكون مستيقظين ويستيقظ عندما ننام ...كما أنه يستيقظ اليقظة الأخيرة عند طلوع الروح أو قبلها بفترة بسيطة وهي اليقظة التي لا يغفو بعدها أبداً )
إذًا البصر الحديد لا يستيقظ إلا عند خروج الروح إلى بارئها ، ولأن النوم يعتبر موت فتكون الروح قد خرجت إلى بارئها وهنا يستيقظ البصر الحديد ، فكل ما سيُرى سواءً كان الإنسان نائمًا أو ميتًا سُيرى من خلال البصر الحديد ، ولا فرق بينهما فهي مجرد أمثال وخيالات لا حقيقة محسوسة لها على أرض الواقع .
الحق أننا لا ندري عن عقيدة الرجل، ولكن كلامه خطير جدًا لأنه يذهب لإنكار أمور ثابتة بالكتاب والسنة، فعلى من ينقل هذا البحث أن يتقي الله، وعلى من يقرأه أن ينبه الناقل لخطورة هذا الكلام .
مر معنا أن الكاتب جعل من طرق تكليم الله للبشر أو الأنبياء - هذا تناقضه - طريقة "من وراء حجاب " وقال أن معناها عن طريق البصر الحديد الذي ينشط في النوم ، وجعل هذه الطريقة لكل مؤمن صالح ! ولكن دعونا نتأمل :
قال : ( إن كنت رأيت في أحلامك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو الصحابة ...أو رأيت ملائكة .. أو شياطين .. أو رأيت الجنة أو النار أو يوم القيامة .. أو رأيت شخص تعرفه .. توفي منذ زمن أو أو أو أو إلخ ...فعندها يكون الله قد كشف عن بصرك الغطاء )
السؤال ماذا عن الكافر هنا ؟ هل يرى رؤياه وحلمه عن طريق البصر الحديد ؟ فقد قال :
( وعند الموت وأحياناً قبله في حالة الوفاة ينتهي عمل البصر العادي الذي نرى من خلاله
ينتهي تماماً ... فعندها يموت البصر العادي وينشط البصر الحديد المكشوف عنه الغطاء ، و أول مهمة يقوم به هذا البصر الحديد هو تتبع الروح ..قال تعالى : ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
فهذا الكلام وهذه الآية على حسب قوله تعم المؤمن والكافر ، فهل الكافر إذا نام أو مات ينشط عنده البصر الحديد ؟ أم أنه يبقى ببصره المغطى عليه ؟ فلا تشمله هذه الآية !
قال : ( عندما يزاح هذا الغطاء عند الموت يرى الميت كل شيء ...حتى أنه يرى روحه وهي تطلع فيتبعها ببصره الحديد الجديد... وأحياناً يزاح هذا الغطاء قبل الموت بدقائق أو ساعات حسب شفافية الشخص ... لذلك نسمع من البعض الذين هم على فراش الموت أنهم يرون الملائكة أو أنهم يرون الجنة إن كانوا صالحين )
وكذلك بعض الكفرة والعصاة سمعنا عن بعضهم أنهم يرون الملائكة وأنهم يرون النار ، فهل هذا يدل على شفافيتهم وأن الله كشف عنهم الغطاء وكلمهم من خلال البصر الحديد ؟؟
فلو لاحظنا في كل بحثه لا يوجد تفريق بين المؤمن والكافر ! فبحثه عام يشمل المؤمن والكافر ، ولكن كل كلامه عن المؤمن الصالح !! وكان المفترض أن يحترز ويبين حال الكافر من هذا العموم ، والحق أنه لا يستطيع أن يوجد الفرق !
وبهذا نكون قد كشفنا الغطاء عن مدلولات هذه الألفاظ ، وأزلنا الحجاب الذي كان يغطي على حقيقة خطورة هذا الموضوع .
تم بحمد الله
<
.