.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمي الأمين أما بعد :
أبدأ اليوم هذه السلسة وأرجو أن تكون مفيدة ومغنية لطلاب الحق ، وأبدأ بموضوع ( نجد ) التي جاء في الحديث أنها موضع الزلازل والفتن حيث يطلع قرنا الشيطان
ولا بد من ملاحظة أمر مهم! فنحن لن نتكلم عن ( المشرق ) بعمومه فنحن لا ننكر خروج الفتن من المشرق عمومًا، وإنما نتكلم لمعرفة هذا الجزء المخصوص من المشرق، الذي خُص بكثرة الفتن والزلازل وطلوع قرن الشيطان، وحتى نعرف هذا فلا بد من معرفة بعض الأمور المعينة :
1- لا بد من معرفة موقع ديار ربيعة ومضر :
فنجد المؤرخين وأهل الاختصاص بالبلدان قد تكلموا عن نزول ربيعة ومضر بين دجلة والفرات قبل الإسلام، وعُرفت باسمهم، فسكنت مضر حران وما قرب منها فسميت ديار مضر، وسكنت ربيعة الموصل وما قرب منها فسميت ديار ربيعة، ويذكر المؤرخون لقبيلة تغلب أيام ووقائع هناك .
وقد تأثر بعض قبيلة تغلب بالروم فتنصروا، وعندما جاء الفتح الإسلامي للعراق في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تنازع بعض الصحابة رضي الله عنهم في حكم ذبائح ونساء نصارى بني تغلب، وقد صالحهم عمر رضي الله عنه بشروط خاصة بهم، وهي مسألة مشهورة في كتب الفقه.
المقصود أن ديار ربيعة ومضر كانت معروفة قبل الإسلام وأنهم كانوا يسكنون هذا الموضع من الأرض ، ومن كتب في البلدان يُعرِّفون هذا الموضع باسم ديار ربيعة ومضر فيقول الاصطخري المتوفى عام 346 هـ في كتاب المسالك والممالك :
وامّا الجزيرة فانّها ما بين دجلة والفرات وتشتمل على ديار ربيعة ومضر !
ويقول الاصطخري أيضًا:
وقد سكن طوائف من العرب من ربيعة ومضر الجزيرة حتّى صارت لهم ديارا ومراعى فلم نذكر الجزيرة فى ديار العرب لانّ نزولهم بها وهى ديار فارس والروم فى اضعاف قرى معمورة ومدن لها اعمال عريضة فنزلوا على خفارة فارس والروم حتّى أنّ بعضهم تنصّر ودان بدين الروم مثل تغلب من ربيعة بارض الجزيرة
انتهى النقل .
وليس الاصطخري هو الوحيد الذي ذكر هذا فهناك غيره مثل الموصلي والإدريسي وغيرهم ، ويقول ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان :
دِيارُ رَبيعَةَ:
بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين ورأس عين ودنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من المدن والقرى، وربما جمع بين ديار بكر وديار ربيعة وسميت كلها ديار ربيعة لأنهم كلهم ربيعة، وهذا اسم لهذه البلاد قديم، كانت العرب تحله قبل الإسلام في بواديه، واسم الجزيرة يشمل الكلّ.
ديار مُضَرَ:
ومضر، بالضاد المعجمة: وهي ما كان في السهل بقرب من شرقي الفرات نحو حرّان والرّقّة وشمشاط وسروج وتلّ موزن.
انتهى النقل .
فإذا تبين لك هذا فلن يغمض عليك - إن شاء الله - قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه عند البخاري ومسلم :
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ فَقَالَ «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلاَ إِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ»
2- لا بد من التفريق بين الإطلاق والتقييد
لنا لقاء بمشيئة الله
<
.